الدكروري يكتب عن معاملة هامة من المعاملات
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 3 إبريل 2024
الحمد لله ذي الجلال والإكرام حي لا يموت قيوم لا ينام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الحليم العظيم الملك العلام، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله سيد الأنام والداعي إلى دار السلام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، ثم أما بعد، كما أن البائع محتاج إلى آداب وأحكام تحفظ له دينه في بيعه، كذلك المشتري مفتقر إلى شيء من الآداب والأحكام كي يربح الحسنات، ويسلم من السيئات، ويُبارك له فيما اشترى، فالشراء حاجة يومية لا يستغني عنها الناس، وهو معاملة من المعاملات التي ينبغي للمسلم معرفة آدابها وأحكامها، فعلى المشتري أن يختار السوق التي تبعده عن معصية الله تعالى، ويختار الأوقات المناسبة التي يسلم فيها مما يؤذي قلبه وجسده كأوقات الزحام، وكثرة النساء، وغير ذلك، وعلى المشتري أن يكون مال شرائه حلالا، فلا يكون أكله وشربه.
ولبسه وفرشه، ومركبه كالسيارة من الحرام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا يدخل الجنة لحم ودم نبتا على سحت، النار أولى به، لأن المسلم التقي لا يملأ بطنه، ولا يصلح عيشه بشيء جاء من الحرام” وقد قالت عائشة رضي الله عنه “كان لأبي بكر غلام يخرج له الخراج، وكان أبوبكر يأكل من خراجه، فجاء يوما بشيء فأكل منه أبوبكر، فقال له الغلام تدري ما هذا؟ فقال أبوبكر وما هو؟ قال كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية وما أُحسن الكهانة، إلا أني خدعته، فأعطاني بذلك، فهذا منه، فأدخل أبوبكر يده فقاء كل شيء في بطنه” وعلى المشتري كذلك أن لا يقدم على شراء شيء حرمه الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام لأنه منهي عن ذلك، ولأن شراءه يشجع البائعين رقيقي الديانة على التجارة بالمحرمات، وعلى المشتري أيضا أن يتعامل مع البائع بأمانة وصدق.
من غير خيانة ولا غش ولا كذب، فلا يأخذ سلعة بغير حقها كسرقة أو نهب أو اختلاس، أو من غير طيب نفس البائع، ولا يعطي البائع عملة مزوّرة أو تالفة، ولا يخدعه في حساب ما اشترى طمعا في المال، ورغبة في السلعة من غير دفع ما تستحقه من الثمن، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “وإياكم وهيشات الأسواق” رواه مسلم، أو قال صلى الله عليه وسلم “وهوشات الأسواق” رواه احمد، وهذه الهوشات والهيشات معلومة عند الناس، معلوم معناها، أي اختلاط الأسواق، ومنازعتها وخصوماتها، وارتفاع الأصوات واللغط فيها، والفتن التي تحدث فيها، إياكم وهيشات الأسواق، إياكم وهوشات الأسواق، وهكذا يحذرنا صلى الله عليه وسلم، ولقد ندب صلى الله عليه وسلم إلى السماحة في البيع والشراء، والقضاء والاقتضاء، ودعا بالرحمة لمن يكون خلقه كذلك.
فقال صلى الله عليه وسلم “رحم الله امرئ سمحا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى سمح البيع، سمح الشراء، لا يكثر المماكسة والمنازعة والمهاوشة، بل إنه سمح فيها، نعم إنه لا يُخدع، ولا يستغفل، ولا تنطلي عليه حيل البائعين، ولكن لا يهاوش، ولا يكثر المماكسة، ولا يحصل منه المشادة بينه وبين البائع” وبين النبى صلى الله عليه وسلم أمرا من سيئ الخلق، وسيء العادة التي يقع فيها كثير من الناس في الأسواق، ذمه ذما شديدا، وحذر منه، وهو كثرة الأيمان والحلف، فقال صلى الله عليه وسلم “الحلف منفقة للسلعة يعني ينفقها، يروجها، والرواج عكس الكساد، الحلف منفقة للسلعة، ولكنه في ذات الوقت ممحقة للبركة، فما فائدة أن تروج سلعته، وتمحق بركتها؟ فالحلف منفقة للسلعة نعم، وهو يروج السلعة، ولكنه ممحقة للبركة.
زر الذهاب إلى الأعلى