الدكروري يكتب عن الخضوع المطلق والحب المطلق
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 27 مارس 2024
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه سبحانه وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، أما بعد ذكرت الكتب الغسلامية الكثير عن العبادة في الإسلام فيقول ابن تيمية عن العبادة، وهو أن العبادة تضمنت شيئين، هما الخضوع المطلق، والحب المطلق، وهذا هو معنى الكلمة في اللغة، ويتضح هذا من الحالات التي يوجد فيها أحد الركنين دون الآخر، فالحب بلا خضوع ليس عبادة، والخضوع مع الكراهية ليس عبادة، فإن هذا المعنى للعبادة يشمل الأوامر والنواهي، ويشمل أمرا من أعظم الأمور في الشريعة، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ولقد أمر الله المسلمين بأن تكون طائفة منهم تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، فعندما تخضع الأمة لأمر الله في هذا وتمتثله مع الحب الشديد، تشكل ما يدعونه بضرورة إشراك الجمهور في مكافحة الجريمة، والمثل الذي ضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل مُعبّر رائع يصور الواقع الذي يحياه الناس أتم تصوير، فلقد شبّه الرسول صلى الله عليه وسلم المجتمع بالسفينة، والعصاة هم هؤلاء الذين يريدون أن يخرقوا السفينة، فمسؤولية الإنكار عليهم ومنعهم من الخرق مسؤولية كل راكب في السفينة، فعن النعمان بن بشير رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” مَثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فصار بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها،
وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا، ولم نؤذى من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم، نجوا ونجوا جميعا” رواه البخاري، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” مَن لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدعَ طعامه وشرابه” رواه البخاري، وقال “إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابّه أحد أو قاتله، فليقل إني صائم، إني صائم” متفق عليه، وهكذا سائر العبادات، فإن العبادة سلوك منه ما يكون يوميا، ومنه ما يكون أسبوعيا، ومنه ما يكون سنويا، وهذا السلوك السامي في أثناء العبادة يعوّد الإنسان على السلوك النظيف، والحياة المستقيمة، وأكثر ما يشكل سلوك الإنسان عادات، فإذا اعتاد الخير، صعب عليه تركه، وصعب عليه الوقوع في الشر.
وأيضا فإن من الوسائل هو حسن الظن، فالمجتمع الاسلامي هو مجتمع الثقة المتبادلة التي تقوم على مبدأ حسن الظن، فدعوة الإسلام إلى حسن الظن بالآخرين، وصحة عمل المؤمن والأخذ بظواهر الأمور هو ليس من باب تبسيط الأمور والتغطية على أصحاب النوايا الدنيئة الذين يفلتون من عقاب المجتمع تحت ذريعة هذه القيم، لا بالطبع فحسن الظن ليس تبسيطا للأمور بل من أجل تعزيز حالة الثقة في المجتمع، بحيث كل فرد في هذا المجتمع يثق بالآخر فعندما يصبح كل فرد في المجتمع وهو يحمل في نفسه الثقة العالية بالآخرين يعيش هذا المجتمع في سلام ووئام فيتحقق الأمن الاجتماعي والاقتصادي، فقد قال علي بن أبي طالب رضى الله عنه ” شر الناس من لايثق بأحد لسوء ظنه ولايثق به أحد لسوء فعله” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من اتهم أخاه في دينه فلا حرمة بينهما”
زر الذهاب إلى الأعلى