الدكروري يكتب عن الإنقياد لشريعة الله المنزلة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 14 مارس 2024
الحمد لله ثم الحمد لله نحمده ونستعين به ونستهديه ونستغفره، نحمده سبحانه أحاط بكل شيء خبرا، ونحمده بأن جعل لكل شيء قدرا، وأسبغ علينا وعلى العالمين من حفظـه سترا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، أرسله رحمة للعالمين كافة عذرا ونذر، اللهم صل على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم ووالاهم بإحسان إلى يوم الدين ثم أما بعد، ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن كتاب الله العزيز القرآن الكريم، وقد قال القاضي أبو بكر الباقلانى عن الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم أن الذى يشتمل عليه بديع نظمه المتضمن للإعجاز وجوه منها ما يرجع إلى الجملة وذلك أن نظم القرآن على تصرف وجوهه، واختلاف مذاهبه.
خارج عن المعهود من نظام جميع كلامهم، ومباين للمألوف من ترتيب خطابهم، وله أسلوب يختص به ويتميز فى تصرفه عن أساليب الكلام المعتاد وذلك أن الطرق التي يتميز بها الكلام البديع المنظوم تنقَسم إلى أعاريض الشعر على اختلاف أنواعه، ثم إلى أنواع الكلام الموزون غير المقفى، ثم إلى أصناف الكلام المعدل المسجّع، ثم إلى معدل موزون غير مسجّع، ثم إلى ما يرسل إرسالا فتطلب فيه الإصابة والإفادة، وإفهام المعاني المعترضة على وجه بديع، وترتيب لطيف، وإن لم يكن معتدلا في وزنه، وذلك شبيه بجملة الكلام الذي لا يتعمل فيه، ولا يتصنع له، وقد علمنا أن القرآن خارج عن هذه الوجوه، ومبايِن لهذه الطرق، ويبقى علينا أن نبين أنه ليس من باب السجع، ولا فيه شيء منه، وكذلك ليس من قَبيل الشعر لأن من الناس من زغم أنه كلام السجع.
ومنهم من يدعى فيه شعرا كثيرا، فهذا إذا تأمله المتأمل تبين بخروجه عن أصناف كلامهم، وأساليب خطابهم أنه خارج عن العادة، وأنه معجز، وهذه خصوصية ترجع إلى جملة القرآن، وتميز حاصل فى جميعه، ومنها أنه ليس للعرب كلام مشتمل على هذه الفصاحة والغرابة، والتصرف البديع، والمعانى اللطيفة، والفوائد الغزيرة، والحكم الكثيرة، والتناسب فى البلاغة، والتشابه فى البراعة، على هذا الطول وعلى هذا القدر، وإنما تنسب إلى حكيمهم كلمات معدودة، وألفاظ قليلة، وإلى شاعرهم قصائد محصورة يقع فيها من الاختلال، ويعترضها من الاختلاف، ويشملها مِن التعمل والتكلف والتجوز والتعسف ما يمكن بيانه، وقد حصل القرآن على كثرته وطوله متناسبا في الفصاحة على ما وصفه الله تعالى به، فإن هذه الحقائق عندما تعيش في وجدان المسلم، ويتربى عليها.
يكون انقياده لشريعة الله المنزلة فى كتاب الله انقيادا تاما مستوليا على كل شخصيته، ويعد نفسه متعبدا إلى الله تعالى خالقه بكل تكليف، وكل أمر، وكل نهى يرد فى القرآن أو في سنة النبى صلى الله عليه وسلم يقف منه الموقف المذعن للأمر بالائتمار، وللنهى بالانتهاء، وهكذا إذا صحت العقيدة كان الأخذ بالتشريع القرآني على مستوى صحة العقيدة، فتصبح كل عبادة مفروضة، من صلاة وصيام وزكاة وحج وغيرها من ضروب العبادة مظهرا من مظاهر الصلاح، الذى ينعكس أثره على المجتمع فى مجموعه، والدولة فى نظامها، اللهم إنا نسألك أن تغفر لأموات المسلمين، يا رب العالمين، وأن تنصر المجاهدين، وتعلي كلمة الدين، وتقمع المشركين والمبتدعين، اللهم إنا نسألك أن تجعل فرجنا وفرج المسلمين قريبا يا رب العالمين.
زر الذهاب إلى الأعلى