أخبار مصر

الدكروري يكتب عن رؤية هلال رمضان

الدكروري يكتب عن رؤية هلال رمضان

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الأحد الموافق 10 مارس 2024

الحمد لله ذي الجلال والإكرام حي لا يموت قيوم لا ينام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الحليم العظيم الملك العلام، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله سيد الأنام والداعي إلى دار السلام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، ثم أما بعد، ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير عن أحكام الصيام وقد أجمع أصحاب الإمام أبي حنيفة رحمه الله، على أنه إذا صام أهل بلد ثلاثين يوما للرؤية، وأهل بلد تسعة وعشرين يوما أن على الذين صاموا تسعة وعشرين يوما قضاء يوم، وأصحاب الشافعي لا يرون ذلك، إذ كانت المطالع في البلدان يجوز أن تختلف وحجة أصحاب أبي حنيفة قوله تعالى” ولتكملوا العدة ” وثبت برؤية أهل بلد أن العدة ثلاثون فوجب على هؤلاء إكمالها.

ومخالفهم يحتج بقوله صلى الله عليه وسلم “صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته” وذلك يوجب اعتبار عادة كل قوم في بلدهم، وحكى أبو عمر الإجماع على أنه لا تراعى الرؤية فيما بعد من البلدان كالأندلس من خراسان، قال ولكل بلد رؤيتهم، إلا ما كان كالمصر الكبير وما تقاربت أقطاره من بلدان المسلمين، وروى مسلم عن كريب أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل علي رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ثم ذكر الهلال فقال متى رأيتم الهلال ؟ فقلت رأيناه ليلة الجمعة، فقال أنت رأيته ؟ فقلت نعم، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية، فقال لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه.

فقلت أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه ؟ فقال لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال علماؤنا قول ابن عباس هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلمة تصريح برفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبأمره، فهو حجة على أن البلاد إذا تباعدت كتباعد الشام من الحجاز فالواجب على أهل كل بلد أن تعمل على رؤيته دون رؤية غيره، وإن ثبت ذلك عند الإمام الأعظم، ما لم يحمل الناس على ذلك، فإن حمل فلا تجوز مخالفته، وقال الطبرى فى قوله هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحتمل أن يكون تأول فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم” صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته” وقال ابن العربى واختلف في تأويل قول ابن عباس هذا فقيل رده لأنه خبر واحد، وقيل رده لأن الأقطار مختلفة فى المطالع.

وهو الصحيح لأن كريب لم يشهد وإنما أخبر عن حكم ثبت بالشهادة، ولا خلاف في الحكم الثابت أنه يجزى فيه خبر الواحد، ونظيره ما لو ثبت أنه أهل ليلة الجمعة بأغمات وأهل بإشبيلية ليلة السبت فيكون لأهل كل بلد رؤيتهم لأن سهيل يكشف من أغمات ولا يكشف من إشبيلية، وهذا يدل على اختلاف المطالع، وأما مذهب الإمام مالك رحمه الله في هذه المسألة، فروى ابن وهب وابن القاسم عنه في المجموعة أن أهل البصرة إذا رأوا هلال رمضان ثم بلغ ذلك إلى أهل الكوفة والمدينة واليمن أنه يلزمهم الصيام أو القضاء إن فات الأداء، وروى القاضى أبو إسحاق أنه إن كان ثبت بالبصرة بأمر شائع ذائع يستغنى عن الشهادة والتعديل له فإنه يلزم غيرهم من أهل البلاد القضاء.

وإن كان إنما ثبت عند حاكمهم بشهادة شاهدين لم يلزم ذلك من البلاد إلا من كان يلزمه حكم ذلك الحاكم ممن هو في ولايته، أو يكون ثبت ذلك عند أمير المؤمنين فيلزم القضاء جماعة المسلمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock