الدكروري يكتب عن الحكمة الربانية في خلق الجنة والنار
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الخاتم والشفيع، مبعوث للإنس والجان، منور للأكوان، مبين التشريع، مذكر غير ملوم، علمه مطابق للمعلوم، من أصل سنته التفريع، خُلقه القرآن، تشديده الحنان، يعظ من غير تقريع، يوقظ الضمائر، ويطهر السرائر، ويقدم بسلوكه التشجيع، يؤلف بين قلوبهم،
ويستغفر لذنوبهم، ويتعهد برعايته الجميع، أمره بين أصحابه نافذ، يعفو ولا يؤاخذ، ولو وصل الأمر للتشنيع، هو ولي من لا ولي له، حفي بمن أقبل عليه، ليس من خلقه الترويع، هو للمحب حبيب، وللعليل طبيب، يداوي الشهوات بالتجويع، هو أولى بالمؤمن من نفسه، وأحب إليه من نفسه، وإلا ففي العقيدة ترقيع، الصلاة عليه في الملأ حتمية.
وهي لأمته هدية، تذهب عن القلب الصقيع، فاللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى أصحابه بقدر ما في الخلق من تنويع، وارزقنا شفاعته، وأوردنا حوضه، واحشرنا تحت لوائه، إنك بنا بصير، ولدعائنا مجيب وسميع، ثم أما بعد لقد خلق الله عز وجل الجنة والنار، وربما يتساءل البعض فيقول ما الغاية والحكمة الربانية في خلق هذا المخلوق الفظيع المروع الذي أطار النوم من عيون الخائفين، وأقلق مضاجع المتهجدين، ولله سبحانه وتعالى في خلق النار حكم عظيمة من أهمها، إنهارحمة بالخلق، فإن خلق النار في الحقيقة هو رحمة للناس ورأفة بهم، ذلك أن النار تلعب دورا مهما في ردعنا عن ارتكاب المعاصي، بخلق الرعب والخوف في نفوسنا من تعدي حدود الله وبالتالي تجنبنا الزيغ والضلال والتعدي على الآخرين.
فلو لم تكن النار موجودة لكانت الفوضى في العالم ومنه الإسلامي خاصة، وأيضا تأديب الكافرين وموعظة للمؤمنين، فقد خلق الله تعالى النار تأكل وتذيب، وجعل زمامها بيده عز وجل، وأمرها إليه، إن شاء أشعلها وأحرق بها من شاء من أعدائه، وإن شاء جعلها تشتعل ولا تحرق، بل قلب حالها بردا وسلاما لمن شاء من أوليائه، والنار التي خلقها الله عز وجل أنواع ، فهى نار لها إشراق وإحراق كالشمس، وكالنار المعروفة، ونار لها إحراق بلا إشراق، وهي نار جهنم المظلمة، ونار لها إشراق بلا إحراق، وهي النار التي خلقها الله في الشجرة وكلم موسى عندها، ونار ليس لها إشراق ولا إحراق، وهي النار المحبوسة في الحطب والخشب، فهي مخزونة، فإذا أشعلت صار لها إشراق وإحراق.
فسبحان من جعل من الشجر الأخضر نارا يابسة ملتهبة، ولأن النار من حقائق الآخرة، ونحن نؤمن بوجودها كمسلمين، لذا لابد أن نعرف أسماءها وخصائصها وصفة عذاب أهلها بغرض الحذر منها، نسأل الله النجاة منها، وهذه المعرفة هي التي تورث العبد الخشية والإنابة والتذكر واليقظة من هذا المصير المروع الذي يلقه الغافلون عن عذاب الله ووعيده، وهذه الحقائق تشمل نقاطا عديدة منها، أولا منشأ النار، حيث قال تعالى “أفرأيتم النار التي تورون، أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون” فعرفهم تعالى بالنار التي أوجدها في الأشجار، وأن الخلق لا يقدرون أن ينشئوا شجرها، وإنما الله عز وجل الذي أنشأها من الشجر الأخضر، فإذا هي نار توقد بقدر حاجة العباد، فإذا فرغوا من حاجتهم، أطفئوها وأخمدوها، فقال الله “الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون”.
زر الذهاب إلى الأعلى