الدكرورى يكتب أكرم الناس وأحسنهم قضاء
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 19 يناير 2024
الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا للإسلام ووفقنا لإتباع هدي سيد الأنام، أحمده سبحانه وأشكره، ما تعاقبت الليالي والأيام، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد اتقوا الله تعالى واعلموا أنه يجب على كل مسلم ومسلمة
معرفة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم التي هي من الأصول الثلاثة، التي يجب على كل مسلم ومسلمة تعلمها، والعمل بها، ويُسأل عنها في قبره، ومن هذه المعرفة معرفة صفاته كلها صلى الله عليه وسلم، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خَلقا وخُلقا، وألينهم كفًّا، وأطيبهم ريحا، وأكملهم عقلا، وأحسنهم عشرة، وأعلمهم بالله وأشدهم له خشية.
وأشجع الناس أكرم الناس وأحسنهم قضاء وأسمحهم معاملة وأكثرهم اجتهادا في طاعة ربه، وأصبرهم وأقواهم تحمّلا، وأخشعهم لله قلبا، وأرحمهم بعباد الله تعالى، وأشدهم حياء، ولا ينتقم لنفسه، ولا يغضب لها ولكنه إذا انتُهكت حرمات الله، فإنه ينتقم لله تعالى، وإذا غضب لله لم يقم لغضبه أحد، والقوي والضعيف، والقريب والبعيد والشريف وغيره عنده في الحق سواء، وما عاب طعاما قط إن اشتهاه أكله، وإن لم يشتهه تركه، ويأكل من الطعام المباح ما تيسر ولا يتكلف في ذلك، ويقبل الهدية ويكافئ عليها، ولا يقبل الصدقة، ويخصف نعليه ويرقع ثوبه، ويخدم في مهنة أهله، ويحلب شاته، ويخدم نفسه، وكان أشد الناس تواضعا، ويجيب الداعي من غني أو فقير، أو دنيء أو شريف، وكان يحب المساكين.
ويشهد جنائزهم ويعود مرضاهم، ولا يحقر فقيرا لفقره، ولا يهاب ملكا لمُلكه، وكان يركب الفرس، والبعير والحمار والبغلة ويردف خلفه، ولا يدع أحدا يمشي خلفه، وخاتمه فضة وفصه منه، يلبسه في خنصره الأيمن وربما لبسه في الأيسر، وكان يعصب على بطنه الحجر من الجوع، وقد آتاه الله مفاتيح خزائن الأرض، ولكنه اختار الآخرة صلى الله عليه وسلم، واعلموا يرحمكم الله إن الله سبحانه وتعالى قد فضل بعض الشهور على بعض وفضل بعض الأماكن على بعض، ولكن لا يثبت فضل لزمان ولا لمكان إلا بدليل قطعي ولا بد من التثبت حتى لا يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كثير من الأحاديث جاءت في فضل رجب ما بين ضعيف وموضوع فلا بد من التثبت في النقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويقول تعالى “وربك يخلق ما يشاء ويختار” وإن الاختيار هو الاجتباء والاصطفاء الدال على ربوبيته ووحدانيته وكمال حكمته وعلمه وقدرته عز وجل، وإن من اختياره وتفضيله هو اختياره عز وجل بعض الأيام والشهور وتفضيلها على بعض، وقد اختار الله تعالى من بين الشهور أربعة حُرما، فقال تعالى فى كتابه العزيز ” إن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم” وهي مقدرة بسير القمر وطلوعه لا بسير الشمس وانتقالها كما يفعله الكفار، وإن الأشهر الحرم قد وردت في الآية مبهمة ولم تحدد اسماؤها وجاءت السُنة النبوية الشريفة بذكرها فعن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في حجة الوداع.
وقال في خطبته ” إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السماوات والأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان” رواه البخارى، ومسلم، ولقد سميت هذه الأشهر الأربعة حرما، لعظم حرمتها ولحرمة القتال فيها، وينبغي التفريق بين الأشهر الحرم وأشهر الحج، فأشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة، وهذه الأشهر الأربعة الحرم حرمها العرب في الجاهلية، وسبب تحريمهم ذو القعدة وذو الحجة والمحرم هو أداء شعيرة الحج، فكانوا يحرمون قبله شهرا ليتمكنوا من السير إلى الحج، ويسمونه القعدة لقعودهم عن القتال فيه، ثم يحرمون ذا الحجة وفيه أداء مناسكهم وأسواقهم، ثم يحرمون بعده شهرا ليعودوا إلى ديارهم.
زر الذهاب إلى الأعلى