ماذا لو كانت الزوجة أماً في التعامل ؟
بقلمي جمال القاضي
نعيش عصوراً من التخلف الفكري افتقدنا فيها سياسة الفهم الصحيح للتعامل مع الزوجة .
ولاننا فقدنا هذه السياسة وهذه الثقافة في التعامل مع الزوجة في الشعوب العربية فكان التعامل معها كأم لأولادنا أفضل بكثير من تعاملنا معها بهذه الثقافة كزوجة .
ولاعجب في ذلك فهذا الرجل الشرقي للاسف الشديد غير متعمق في فهم طبيعة الزوجة وليس فاقداً لهذه السياسة في كيفية التعامل مع الأم رغم أن كلاهما سيدة ، لكن الأولى نتعامل معها وكأنها ضمن مقتنياتنا الشخصية ، فهي نملكها وضمن ممتلكاتنا وكأننا اشتريناها يوم زفافها من أهلها بقليل من المال ، ونظرنا لأننا قمنا بشرائها بمهر دفع لها آنذاك ، فكان من الواجب عليها ( كما نفهم عنها ومن وجهة النظر الرجعية ) أن تلغي شخصيتها لتصبح مستعدة فقط للأمر والنهي من قبل الزوج دون ابداء الرأي أو دون إعتراض منها والقول له لما ، وهذا الفكر ليس بجديد ، فهو متوارث منذ سنين طويلة ، ولضعف المرأة وهشاشة الإصرار منها والتمسك بالرأي الثواب الذي يكون في كثير من الأحيان ، وتنازلها بالكلية عن هذا الرأي ، جعلها في مطمع من الرجل وأن يجور عليها في معظم حقوقها الشخصية ، وهذا كان منافي لعمق الدين والتدين .
كم كان للمرأة من آراء جيدة ، وكم كان لها من إنجازات عظيمة في العصور القديمة والحديثة جعل الكثير من الرجال يحترم أمثال هؤلاء النسوة ، لكن النظرة إليها تطورت تطوراً سريعاً وسيئاً ، وربما كان لوسائل التواصل الإجتماعي والمواقع المشبوهة والمشوهة لشرفها ممن لاحياء ولادين لهم دوراً أصيلاً في جعها سلعة رخيصة في نظر الرجل ، تباع وتشترى ويباع شرفها ،وأن هذه المرأة يجب أن يلغى رأيها لأنها غير مؤهلة إلا للخطأ الذي يظنه فيها الرجل دائما .
كما أن للأسرة في الشعوب الشرقية والعربية دوراً آخر في تهميش المرأة ، فكان للذكر النصيب الأكبر في الإهتمام والرعاية وحنان الأب والأم دون الأنثى في هذه الأسرة ، مم رسخ في عقول الذكور أن الأنثى لاترقى لمكانة الرجل فهي أقل منه مكانةً بين أفراد الأسرة والمجتمع .
ولأننا جميعا عظمنا مكانة الأم ( رغم أنها أنثى ) فخلد في أذهان الجميع أهمية تواجدها وعظم دورها بيننا وبين أولادها فكانت محبتها في قلوب الجميع أكبر من محبة الرجل لزوجته .
وبالمقارنة بين مكانة الزوجة ومكانة الام ، نجد أن كفة مكانة الأم هي الراجحة دائماً ، ولذلك لو كان تعاملنا مع زوجاتنا على أنها أم لأولادنا ( لضعف فهمنا عن الصواب في كيفية التعامل مع الزوجة وعدم فهمنا للدين جيداً ) لكانت مكانتها في قلوبنا تغيرت ، ففهمنا عن الأم أنها مصدراً للحنان ، ومصدراً لجمع ولم شمل الأسرة ، وأنها قادرة على حل مشكلات أسرتها ، نعم فهي كذلك ولاننكره ، فكانت هي كأم أفضل من كونها زوجة .
يجب علينا أن نعلم جيداً أن الزوجة هي من أنجبت لنا من نحب من الأولاد ، هي من كنا ( قبل أن تكون زوجة مجرد أنثى ) نسعى من أجل أن راها راضية عنا أو تبتسم مجرد إبتسامة رقيقة في وجهنا ، هي من تشعرنا بالحنان والدفء حين نعود من عملنا مجهدين ومتعبين منه وتحاول جاهدة على تغير حالتنا النفسية والرجوع بها إلى ماكانت عليه من فرح وسعادة وسرور ، هي من تنسى رغباتها ومتطلباتها الشخصية لأجل متطلباتنا ومتطلبات أولادنا ، هي الأم لأولادها والزوجة لزوجها في ذات الوقت ، فكيف يقدرها الأولاد في قلوبهم كأم ويضعونها في مكانة عالية ، وفي قلوبنا كأزواج نقتل دورها وإهتمامنا بها كزوجة لنا ؟ عجبا لذلك !
أليس ذلك التهميش من الفكر الرجعي والتخلف العقلي لضعاف النفوس وضعاف الفهم للدين ، فالمرآة يجب أن تحترم كونها إنسانة ، لها مالها من حقوق شرعها الله ، وعليها ماعليها من واجبات ، فلايجب إهمال حقوقها مقابل الإصرار في أن تعطي ماعليها من واجبات ، فكيف يكون تعاملنا معها بكره رغم ماتعطيه لنا من حب ؟
نحن نقتل فيها ونقمع حريتها في التعبير ، نحن نميت بداخلها إحساسها بأهميتها ، نحن نشعرها بأنها لادور لها بيننا سوى أن تطيع دون إعتراض ، تصمت رغم الإهانة ، تعطي مقابل أن تهُمل من قبل الغير ، لاتطالب بأدنى حق من حقوقها ، فهي في نظر البعض مجرد خادمة في بيت الرجل ، يمن عليها بالطعام والشراب ، يسمح لها بالمبيت على أسرة هي ليست من حقها في نظره فهو الذي اشتراها ، لاأجر لها نظراً لذلك ، ونسينا حقوقها في الشرع والدين ونقف بقوة نحن الرجال بالمطالبة فقط بحقوقنا دون حقوقها ، وفي النهاية نتهمها بالتمرد والعصيان للرجل .
زر الذهاب إلى الأعلى