الدكروري يكتب عن خابوا وخسروا ورب الكعبة
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 14 ديسمبر
الحمد لله المتفرد بالعظمة والجلال، المتفضل على خلقه بجزيل النوال، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وهو الكبير المتعال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، الداعي إلى الحق، والمنقذ بإذن ربه من الضلال، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه خير صحب وآل، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآل، أما بعد فيا أيها الأبناء، ويا أيها الآباء تدبروا قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ” ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة” خابوا وخسروا ورب الكعبة هؤلاء هم الذين طردوا من رحمة الرحمن، التى وسعت كل شىء، وأول المطرودين هو العاق لوالديه، ويا من منّ الله عليكم الآن بنعمة الآباء والأمهات، وأنتم لا تدركون قدر هذه النعمة.
ولن تشعروا بها إلا إذا فقدتم الوالدين، أسأل الله أن يبارك فى أعمار أبائنا وأمهاتنا، وأن يختم لنا ولهم بصالح الأعمال إنه على كل شىء قدير، فإن العقوق لا ينفع معه أى عمل، سواء صـلاة أو زكاة أو حج أو صيام، ففي الحديث الذى رواه الإمام الطبرانى وابن أبى عاصم من حديث أبى أمامة أن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم قال ” ثلاثة لا يقبل الله منهم صرفا، ولا عدلا، العاق لوالديه والمنان والمكذب بالقدر” وإن العقوق دين لا بد من قضائه فى الدنيا قبل الآخرة، فكما تدين تدان، فإن بذلت البر لوالديك سخّر الله أبناءك لبرك، وإن عققت والديك سلط الله أبناءك لعقوقك، ستجنى ثمرة العقوق في الدنيا قبل الآخرة، ففى الحديث الذى رواه الطـبرانى والبخارى من حديث أبي بكرة أن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم.
قال ” اثنان يعجلهما الله فى الدنيا، البغى وعقوق الوالدين” فتدبر معى أن هذا ابن عاق يعيش معه والده فى بيته، فكبر الوالد، وانحنى ظهره، وسال لعابه، واختلت أعصابه، فاشمأزت منه زوجة الابن، وكم من الأبناء يرضون الزوجات على حساب طاعة الأمهات والآباء، فطرد الولد أباه من البيت، فرقّ طفل صغير من أبنائه لجده فقال له لماذا تطرد جدنا من بيتنا يا أبى، فقال حتى لا تتأففون منه، فبكى الطفل لجده وقال حسنا يا أبتي، وسوف نصنع بك هذا غدا إن شاء الله، فالعقوق دَين لابد من قضائه، وهذا ابن آخر يصفع والده على وجهه، فيبكى الوالد ويرتفع بكاءه، فيتألم الناس، لبكاء هذا الشيخ الكبير، وينقض مجموعة من الناس على هـذا الابن العاق ليضربوه، فيشير إليهم الوالد ويقول لهم دعوه، ثم بكى وقال والله منذ عشرين سنة، وفى نفس هذا المكان صفعت أبى على وجهه.
واعلموا يحمكم الله إن من أسباب رقي الإنسان وتقدمه ونجاحه هو إتقانه لعمله، والحرص على الإتيان به على الشكل المرضي والمطلوب، وبأفضل الوسائل المتاحة، والإنسان بفطرته السليمة يحب العمل المتقن، ويبغض ضده، ولله المثل الأعلى، فالله سبحانه وتعالى خلق كل شيء بإتقان وإحكام، وأخبر بذلك عن نفسه سبحانه وتعالي، وكما إن إتقان العمل مطلوب في كل شيء، وأولى الأعمال بالإتقان هو العمل الذي يُعرض على رب العالمين، ونحن نعلم أنه إذا قيل لأحد الموظفين عملك هذا سيُعرض على المسؤول الفلاني، فسيبذل قصارى جهده في إخراجه في أعلى معايير الدقة، فكيف ولله المثل الأعلى إذا كان العمل سيُعرض على رب العالمين؟ أليس حريّا بنا أن نكون فيه أكثر إتقانا؟
لا سيما وقد دلت النصوص على أن الله تعالى يحب العمل المتقن ولو في أيسر الأمور فهو من أسباب الحصول على محبة الله تعالى، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنه قال “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه”
زر الذهاب إلى الأعلى