الدكروري يكتب عن أهل البدع والزيغ في الدين
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 23 ديسمبر
الحمد لله أحاط بكل شيء خبرا، وجعل لكل شيء قدرا، وأسبغ على الخلائق من حفظه سترا، أحمده سبحانه وتعالي وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، أرسله إلى الناس كافة عذرا ونذرا، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، أخلد الله لهم ذكرا وأعظم لهم أجرا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين أما بعد أيها الناس إن لسوء الخاتمة أسبابا كثيرة يعود مجملها إلى التمادي في المعاصي، والإصرارِ على الذنوب، وأكثر ما يقع سوء الخاتمة لثلاث طوائف من الناس أولها هم أهل البدع والزيغ في الدين، لأن إيمانهم مرتبط بما تستحسنه عقولهم ولو لم يثبت في الكتاب والسنة، فأول آية تظهر لهم من قدرة اللّه تعالى.
أن يطيح عقله الذي اغتر به واعتمد عليه فيذهب إيمانه كما تحترق الفتيلة فيسقط المصباح، والطبقة الثانية هم أهل الكبر والإنكار لآيات الله تعالي الآمنين من مكر الله فيعتورهم الشك ويقوى عليهم لفقد اليقين، والطبقة الثالثة هم ثلاثة أصناف متفرقون متفاوتون في سوء الخاتمة، وجميعهم دون الطائفتين في سوء الخاتمة، لأن سوء الختم على مقامات أيضا منهم المغرور الذي لم يزل إلى نفسه وعمله ناظرا والفاسق المعلِن، والمصرّ المدمن، وتتصل بهم المعاصي إلى آخر العمر، ويدوم تقلبهم فيها إلى كشف الغطاء، فإذا رأوا الآيات تابوا إلى الله تعالى بقلوبهم، وقد انقطعت أعمال الجوارح فليس يتأتى منهم، فلا تقبل توبتهم، ولا تقال عثرتهم، ولا ترحم عبرتهم، فتظهر لهم شهوات معاصيهم، ويعاد عليهم تذكرها، لخلو قلوبهم من الذكر والخوف حتى يختم لهم بسوء الخاتمة.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” الأعمال بالخواتيم” وكان من دعائه الكثير صلى الله عليه وسلم “يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك” فاللهم إنا نسألك الثبات على ما يرضيك، اللهم إنا نسألك الثبات حتى الممات وبعد الممات، اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، واعلموا يرحموا الله إن من ملأ قلبه من الرضا بالقدر، ملأ الله صدره غنى وأمنا، وفرَّغ قلبه لمحبته والإنابة إليه والتوكل عليه، ومن فاته حظه من الرضا امتلأ قلبه بضد ذلك واشتغل عما فيه سعادته وفلاحه” وإن في المحنة منحة، وفي النقمة نعمة، فيها تقوية للمؤمن وتدريب له على الصبر، وفيها النظر إلى قهر الربوبية وذل العبودية، وفيها خضوع الإنسان لربه وانطراحه بين يديه، فالله تعالى يبتلى خلقه بعوارض تدفعهم إلى بابه يستغيثون به.
فهذه من النعم في طي البلاء، وليعلم أهل المصائب أنه لولا محن الدنيا ومصائبها لأصاب العبد من أدواء الكبر والعجب وقسوة القلب وما هو سبب هلاكه عاجلا وآجلا فمن رحمة أرحم الراحمين أن يتفقده في الأحيان بأنواع من أدوية المصائب تكون حمية له من هذه الأدواء وحفظا لصحة عبوديته، وفيها العلم بحقارة الدنيا وهو أنها أدنى مصيبة تصيب الإنسان تعكر صفوه وتنغص حياته وتنسيه ملاذه السابقة، فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى، وتفكروا في حكم المولى في تصريف الأمور، وأنه المحمود على ذلك، المثني عليه، المشكور، واعلموا أن ما أصابكم من مصيبة، فبما كسبت أيديكم، ويعفو عن كثير، وأن هذه الشدة واللأواء لا بد أن يفرجها من هو على كل شيء قدير، ولا بد أن يبدل الشدة بضدها والعسر بالتيسير، بذلك وعد، وهو الصادق السميع البصير،
فعودوا على أنفسكم بالاعتراف بمعاصيكم وعيوبكم، وتوبوا إليه توبة نصوحا من جميع ذنوبكم، وقوموا بما أمركم الله به، وهو الصبر عند المصائب، واحتسبوا الأجر والثواب، إذا أنابتكم المكاره والنوائب، وكونوا في أوقاتكم كلها خاضعين لربكم متضرعين، وفي كل أحوالكم سائلين له كشف ما بكم ولكرمه مستعرضين، ووجهوا قلوبكم إلى من بيده خزائن الرحمة والأرزاق، وانتظروا الفرج وزوال الشدة من الرؤوف الرحيم الخلاق، فاتقوا الله عباد الله حق تقواه، وسارعوا دائما إلى مغفرته ورضاه فقد فاز وسعد من أقبل على مولاه، وخاب وخسر من اتبع هواه وأعرض عن أُخراه.
زر الذهاب إلى الأعلى