الدكروري يكتب عن التسامح ويسر الإسلام
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأثنين الموافق 18 ديسمبر
الحمد لله الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا، ودبر عباده على ما تقتضيه حكمته وكان بهم لطيفا خبيرا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وكان على كل شيء قديرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بين يدي الساعة وبشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا أما بعد، إن التسامح ينبغي أن يكون إلى أي حد، ولا شك أن التسامح مع أعداء الإسلام له حدود معينة، وهذه القضية التي يريد عدد من المنافقين والكفار أن يضيعوها، ويريدوا أن يقولوا أنه تسامح على طول الخط مهما فعل الكفار ومهما قاموا به فهو تسامح على طول الخط، ولكن من الذي قال ذلك، وفي أي كتاب من كتب الشريعة هذا؟
وأين الآية أو الحديث الدال عليه؟ بل إن الآيات والأحاديث تدل على خلاف ذلك، أنه يوجد حالات لا تسامح فيها مع الكفار إطلاقا، والتسامح حرام وخزي وذل لا يجوز للمسلمين أن يفعلوه، فلما نقض بنو قينقاع العهد مع رسول الله صلي الله عليه وسلم، وغدر الصائغ ويهود بني قيقناع بالمسلمين واستصرخ المسلم أهل الإسلام قاموا إليهم، ونابذوهم وهكذا كانت الحرب على بني قينقاع لغدرهم، ولما قام بنو النضير بمحاولة أخرى غادرة أيضا وطلبوا من النبي صلي الله عليه وسلم أن يخرج إليهم مع بعض أصحابه من أجل أن يتحاوروا حوار الأديان واشتمل اليهود على الخناجر يريدون الانفراد بالنبي عليه الصلاة والسلام يتقدم ثلاثة ويتقدم النبي صلي الله عليه وسلم لمحاورتهم فيجهزوا عليه.
فاشتمل اليهود على الخناجر، فجاء الوحي إلى النبي صلي الله عليه وسلم بالمؤامرة فرجع وتجهز وغزا بني النضير، وحرق نخيلهم إخزاء لهم وفتا في عضدهم، وحاصرهم حتى نزلوا على الجلاء، فخرجوا من ديارهم يجرون أذيال الخيبة والهزيمة وغادروا تلك الحصون والقلاع وسُلمت بالكامل للمسلمين، وبنو قريظة وما أدراك ما بنو قريظة عندما جاءت الأحزاب فحاصروا المدينة وابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا، وكان النبي صلي الله عليه وسلم قد عاهد يهود بني قريظة من قبل حتى تستتب له الأمور فلما قام اليهود بالغدر والممالئة وممالئة كفار قريش على نبي الله صلي الله عليه وسلم ونقضوا العهد وخالفوا الشروط بينهم وبين النبي صلي الله عليه وسلم، جاء جبريل بالأمر بالقتال وأخذ يهود بني قريظة بعد الحصار.
وهكذا من أنبت منهم الشعر الدال على بلوغه قُتل فقتل رجالهم أجمعين، وهكذا حكم فيهم سعد بن معاذ رضي الله عنه بحكم الملك من فوق سبع سماوات، إذن هذه حالات لا تسامح فيها أبدا، إذا غدروا لا مسامحة البتة، ولكي نقف على يسر الإسلام وسماحته فلابد أن نتعرف على شرع من كان قبلنا فقد كان الذى يقع في المعصية، ويفعل السيئة في بنى إسرائيل كانت توبته أن يقتل نفسه، أما في الإسلام وهو دين اليسر فيكفى للمذنب أن يندم على ما فعل، ويعزم على ألا يعود ويقلع عن الذنب ويرد الحقوق لأصحابها، ويظهر مبدأ اليسر والمسامحة جليا في العبادات أكثر من غيرها من أمور الدين حيث إنها سلوك ظاهر، فجميع العبادات قائمة على هذا المبدأ الذي خص الله تعالى به هذه الأمة من غيرها من الأمم المفروضة منها والنوافل.
فنرى يسر الإسلام مع المسافر الذى سُمح له بجمع الصلوات وقصرها الرباعية منها فيصلى الظهر مع العصر ويصلى الظهر ركعتين وكذلك العصر بل أذن له ألا يصوم في سفره، وكما أن الإسلام دين اليسر مع المريض والعجوز والمرأة والمرضع والحامل في السماح لهم بعدم الصيام تقديرا لحالتهم، والإسلام دين اليسر عندما أذن للمريض وذي العاهة في عدم الاشتراك في قتال الأعداء.
زر الذهاب إلى الأعلى