قطاع غزة يشهد فوضى في توزيع المساعدات وعناصر إجرامية تستولي على المواد الغذائية
يارا المصري
أفاد سكان جنوب قطاع غزة عن وجود خلل تام في توزيع المواد الغذائية، والمياه المعدنية، بل ويشعرون أن معظم المساعدات التي تدخل قطاع غزة لا تصل إلى السكان بشكل مباشر وسريع، وتسقط في أيدي العناصر الإجرامية الجشعة التي تستغل حاجة السكان وتستولي عنوة على المواد الغذائية من أجل إعادة بيعها بأضعاف ثمنها الطبيعي.
استيلاء هذه العناصر الجشعة وتجار الحرب لم يقتصر على الدقيق والخبز والطعام فقط، بل شمل حتى المياه، فالقطاع يعاني من قلة المياه العذبة خاصة في ظل الحرب وتوقف محطات التحلية عن العمل، ورغم أن مشهد بائعي المياه، ليس جديدا في غزة، فإن بيع قوارير المياه المعدنية على الأرصفة يعدّ جديدا بالكلية.
وقد وجدت هذه القوارير، التي دخلت إلى غزة ضمن المساعدات طريقها للبيع في الأسواق، ورغم ارتفاع أسعارها يقبل المواطنون على شرائها بسبب أزمة مياه الشرب الكبيرة التي يشهدها القطاع، حيث يقول أحد التجار الجدد: “أشتري الكرتونة (عشرة قوارير) بـ 18 شيكلا وأبيعها بـ 50 شيكلا”.
وتعيش غزة أزمة كبيرة في مياه الشرب نظرا لانقطاع الكهرباء ونفاد الوقود اللازم لتشغيل الآبار الجوفية ومحطات التحلية، ويلفت التاجر الجديد إلى أنه نازح من بلدة بيت لاهيا شمالي القطاع، ولجأ للتجارة بالمياه، بغرض كسب الرزق الوفير والناجح من هذه البضاعة النادرة في زمن الحرب.
ولم يتوقف الأمر عند الغذاء بل شمل جميع نواحي الحياة، فربما كان كثيرون من الفلسطينيين يتحرجون في السابق من دخول متاجر الملابس المستعملة المعروفة باسم “البالة”، لكن الظروف القاسية التي يعيشونها الآن جعلتهم يكسرون حاجز الخجل، فعلى أحد الأرصفة بسوق دير البلح، كان العديد من النساء يقلّبون كومة من الملابس المستعملة بحثا عمّا يلزمهم.
ويقول البائع جمال النجار من حي الشجاعية بغزة، إنه اشترى هذه الملابس المستعملة “البالة” من مدينة رفح، ويضيف “أنا في الأساس خياط ولست بتاجر، لكن أعمل حاليا في التجارة لتوفير المال لأسرتي النازحة هنا”، مضيفا “أبيع القطعة بخمسة شيكل”.
وعلى صعيد المشروبات، فقد كان مشهد آلة تحميص البُن في أحد الشوارع المتفرعة من سوق دير البلح غريبا، بعدما فُقدت بشكل شبه كامل منذ الأسابيع الأولى للحرب، يقول مالكها ممدوح العوام عن كيفية توفير الغاز اللازم لتشغيل الآلة وتحميص البُن، إنه غامر بتحويلها للعمل على نار الحطب بدلا عن الغاز.
ورغم توفير ممدوح القهوة للناس، فإنها ليست في متناول أيدي الجميع، حيث تضاعف سعرها أكثر من مرة، ويرجع ذلك إلى التكلفة العالية لتصنيعها، ويشرح قائلا “تكلفني الأوقية 27 شيكلا وأبيعها بـ 60 “هذه آخر كمية من البُن، بعد الآن ستكون الحرب بلا قهوة”.
زر الذهاب إلى الأعلى