الدكروري يكتب عن العقل السوي
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 6 ديسمبر
الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، أما بعد فيا أيها المسلمون لماذا ذهب الحياء؟ وهو لكثرة الذنوب والسيئات لأن الذنوب تضعف الحياء من العبد، بل إنها تقضي على الحياء وتقتله، وبين الذنوب وقلة الحياء تلازم، وكل منهما يستدعي الآخر ويطلبه حثيثا، وأيضا لكثرة الفتن حيث أن فتن الشهوات وفتن الشبهات، وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم منها ومن التعرض لها، بل وأمرنا النبي أن ننشغل عنها بطاعة الله عز وجل، وأيضا الحرب الإعلامية عبر القنوات الفضائية المائعة، والمواقع الإلكترونية الماجنة، فضلا عن المجلات الخليعة.
والجرائد الرخيصة، والإذاعات المقيتة، وصيحات الهواتف المحمول الحديثة، مما جعل المنكر يكاد يعيش مع كل واحد منا في بيته، وفي عمله، وفي الشارع، بل وفي جيبه أيضا، فالعقل السوي الذي قد نضج مع العلم والإيمان، هو العقل الذي لا يتعارض مع النقل، أما الذي قد امتزج بالهوى والمعاصي، فيأبى أن يذعن للفطرة السوية لكثرة الران الذي قد كساه، حيث قال الله تعالى فى سورة المطففين ” كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون” ولقد ظن الإنسان نتيجة التقدم العلمي المذهل أنه قادر على كل شيء، حيث أصبح هنالك من يدعو للتمرد على شريعة الله، وعلى منهج الأنبياء والرسل، بحجة أن في الانقياد لمنهج الأنبياء والرسل حجرا وامتهانا لهذا العقل البشرى الجبار، الذي استطاع أن يصل إلى ما وصل إليه من هذا التقدم العلمي المذهل.
وبحجة أن البشرية والإنسانية قد بلغت مرحلة الرشد، التي تؤهلها لأن تختار لنفسها من المناهج، والقوانين، والأوضاع ما تشاء، وبحجة ثالثة، ألا وهي أن مناهج الدين لم تعد تسايِر روح العصر المتحررة المتحضرة، فلنتأمل ولنتفكر في قدرة الله تعالى ولنتأمل في عقولنا كم هي محدودة، فلنكرمها بطاعة الله وحده، وامتثال شرعه الحنيف دون إبطال أو تأويل وإن خلاصة قول أهل العلم “لا يتعارض النقل الصريح مع العقل الصحيح” فالشريعة قد حفظها الله من تأويل المتأولين، وإبطال المبطلين، أما العقل، فمتغير يتأثر بالهوى وزخرف القول والمعاصي، أو يُعلى شأنه بالعلم والتفكر، وأتم الناس ذوقا وتذوقا، وأكملهم عقلا وفهما، هو الذي يصل بعقله إلى الهداية الحقيقية، فيعرف أن ربه ورب الكون كله هو الواحد الأحد.
الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، وأنه خالق الأكوان، معلم البيان، مالك الجنان، والحاكم عليه، فيؤمن به وحده، ويقنع به، ويستغني به عمن سواه، ويعتز بالقرب منه والانتساب إليه، ويخاف من البعد عنه، فإذا وصل إلى هذه المنزلة، علم أن الرسل من عظيم نعم الله على خلقه، ليعلموا من جهل، ويذكروا من نسي، ويبشروا من استجاب وأناب، وينذروا من أعرض وتولى، وأن ما جاؤوا به من معجزات فهي أَمارات دالة على صلتهم بربهم، وأنه من الطبيعي أن يكونوا من البشر المألوفين حتى لا يلتبس عليهم الأمر، فإذا افتتن الناس بالأنبياء من البشر فاتخذوهم آلهة، فما بالكم لو كانوا أعظم خلقة، وأغرب من البشر في الطبائع؟ فكيف يكون الأمر؟
فسوف يكونون أشد فتنة بهم، ثم إن مخالفة الطبائع والأجناس أدعى إلى الخوف والنفور والبعد والتولي، فلذلك ولأسباب أخرى يعلمها اللطيف الخبير جعلهم الله بشرا، وبعد إدراكه لهذه الأمور مع ثبوت الرسالة بالآية والعلامة، وكمال الأوصاف والدلالة، لم يجد بُدا من اتباع رسله، فهم سبيل الوصول إليه والمعرفة به، فيعمل بطاعتهم، وينتهي عن مخالفتهم.
زر الذهاب إلى الأعلى