الدكروري يكتب عن الحق وعلامات الباطل
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 9 ديسمبر
الحمد لله عظيم الإحسان واسع الفضل والجود والامتنان وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد اعلموا يرحمكم الله أنه يقال غم الأحياء خمسة أشياء، ينبغي للإنسان أن يكون غمه في هذه الخمسة، أولها هو غم الذنوب الماضية، لأنه قد أذنب ذنبا، ولم يتبين له العفو، فينبغي أن يكون مغموما بها مشغولا بها، والثاني أنه قد عمل الحسنات، ولم يتبين له القبول، والثالث قد علم حياته فيما مضى كيف مضت؟ ولا يدري كيف يكون الباقي، والرابع قد علم أن لله تعالى دارين، ولا يدري إلى أية دار به يصير، والخامس لا يدري أن الله تعالى راض عنه أم ساخط عليه، فمن كان غمه في هذه الأشياء الخمسة في حياته فإنه يمنعه من الضحك.
وقال إبراهيم التيمي كم بينكم وبين القوم؟ أقبلت عليهم الدنيا فهربوا، وأدبرت عنكم فاتبعتوها، وقيل قام أبو ذر الغفاري رضي الله عنه عند الكعبة فقال يا أيها الناس أنا جندب الغفاري، هلموا إلى الأخ الناصح الشفيق، فاكتنفه الناس، فقال أرأيتم لو أن أحدكم أراد سفرا أليس يتخذ من الزاد ما يصلحه ويبلغه؟ قالوا بلى، قال فإن سفر طريق يوم القيامة أبعد ما تريدون، فخذوا ما يصلحكم، قالوا وما يصلحنا؟ قال حجوا حجة لعظائم الأمور، وصوموا يوما شديدا حره لطول النشور، وصلوا ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور، كلمة خير تقولها أو كلمة شر تسكت عنها لوقوف يوم عظيم، تصدق بمالك لعلك تنجو من عسيرها، اجعل الدنيا مجلسين، مجلسا في طلب الحلال، ومجلسا في طلب الآخرة، الثالث يضرك ولا ينفعك لا ترده.
فاجعل المال درهمين درهما تنفقه على عيالك من حله، ودرهما تقدمه لآخرتك، فانظر إلى من حوى الدنيا وزينتها، هل راح منها بغير الكسب والكفن، ويتسم الحق بالثبات، وعدم الاضطراب، فلا تجد زعزعة في الحق، ولا تجد فيه خللا، وليس فيه اضطراب، فالحق مطرد وثابت، لا يتلون، ولا يتغير، ولا يتبدل، ولذلك تجد من علامات الباطل، أنه بشرى المصدر، أو شيطاني المصدر، وأنه يتلون ويتغير، والله عز وجل يجرى أقدارا فى الواقع ليبين للناس الحق، فمثلا، هناك كثير من الناس عندهم قناعة بالديمقراطية، وأن الديمقراطية هي الطريقة الصحيحة، وهي الطريقة الراقية، والطريقة الناضجة، ولكن إذا نظرت إلى الواقع تجد أن الديمقراطية كصنم من تمر، متى أرادوه اتخذوه، ومتى لم يناسبهم أكلوه.
فهل الديمقراطية منهج مضطرد في العالم عند أهله الذين يقولون به؟ فإن الجواب لا، فإذا ناسبهم اتخذوه، وإذا لم تعجبهم النتائج ذهبت كل شئ، فالله يجري أحداثا ليبين للناس أن هذه أباطيل، وفي كل المسائل، حتى لو جاءت أكبر مسألة، الحق فيها من عند رب العالمين شيء معين، ولذلك فإن الحق يطرد، والباطل متلون، وهذه من صفات المنافقين الذين يتربصون بكم، فيقول الله تعالى كما جاء فى سورة النساء ” فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين” أما الحق في ثبات، فقال تعالى ” إذا لقيتم فئة فاثبتوا” حتى إذا لقيتم فئة من أهل الباطل يناقشون، ويجادلون، فاثبتوا، وإذا لقيتم فئة تهدد وتتوعد فاثبتوا، وإذا لقيتم فئة تعذب وتعتدي فاثبتوا، وإذا لقيتم فئة تقاتل فاثبتوا، فسواء كانت تجادل، أو تقاتل، أو تهدد، أو تتوعد للباطل، فاثبتوا، فقال تعالى فى سورة إبراهيم ” يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الآخرة”.
زر الذهاب إلى الأعلى