الدكروري يكتب عن الأمم لا تبنى باليأس
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 13 ديسمبر
الحمد لله وكفى يجزي أهل الوفاء بالتمام والوفاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له يرتجى ولاند له يبتغى، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله النبي المجتبى والحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأطهار الحنفاء، قيل دخل فتى صغير إلى محل تسوّق، وجذب صندوق مشروبات غازية إلى أسفل كابينة هاتف، ووقف فوق
الصندوق ليصل إلى أزرار الهاتف، وبدأ باتصال هاتفي، وصاحب المحل منتبه إلى الموقف ومستمع إلى المحادثة، قال الفتى للطرف الآخر سيدتي، هل يمكنني العمل لديك في تهذيب الحديقة؟ أجابت السيدة لدي من يقوم بهذا العمل، قال الفتى سأقوم بالعمل بنصف الأجرة التي يأخذها العامل عندك، قالت أنا راضية به، ولا أريد استبداله، فألح قائلا سأنظف لك أيضا ممر المشاة والرصيف أمام المنزل.
فقالت لا، تبسم الفتى وأغلق الهاتف تقدم صاحب المحل الذي كان يستمع إلى المحادثة، وقال للفتى لقد أعجبتني همتك العالية، وأحترم هذه المعنويات الإيجابية، وأعرض عليك فرصة عمل لدي في المحل، أجاب الفتى الصغير لا، وشكرا لعرضك، كنت أتأكد فقط من جودة عملي الذي أقوم به حاليا، لأنني أنا الذي أعمل عند هذه السيدة التي كنت أتكلم معها، وإن مما يعين العبد على إتقان العمل أن يستشعر رؤية الله تعالى لعمله، واعلموا يرحمكم الله إن المسلم الحقيقي هو من سلم الناس من لسانه وأذاه، وأن الأمم لا تبنى باليأس، ولا تتقدم بالتشاؤم، ولا تنافس غيرها، ببث الخوف والرعب بين المنسوبين أو الزائرين للمجتمع، وأيضا بناء منظومة القيم والأخلاق، وإنه لا شك أن للقيم أهمية في بناء المجتمعات والأمم.
وأي أمة تتنازل عن قيمها وأخلاقياتها لا تستمر ولا تدوم، وإذا دامت فترة لا يكتب لها الخلود، ويعيش النبي الكريم صلي الله عليه وسلم في الفقر صبورا متماسكا محتسبا وقد عاش فترة من حياته فقيرا لا يجد كسرة الخبز من البر يبحث عن التمر فلا يجد التمر يأتيه الملك من السماء بمفاتيح كنوز الدنيا فيقول “أتريد أن أحول لك الجبال ذهبا وفضة؟ قال لا، بل أجوع يوما وأشبع يوما حتى ألقى الله” وهو صلي الله عليه وسلم يعيش فقيرا، لا يجد فراشا حتى يثنيه ثنيتين، ثنية واحدة ينام على الخصف فيؤثر في جنبه ويدخل عليه صلي الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فيجد سعف النخل قد أثر في جنبه صلي الله عليه وسلم، فيبكي عمر بن الخطاب، وتسيل دموعه ويهتز، فيقول له صلي الله عليه وسلم “ما لك يا عمر؟
قال يا رسول الله كسرى وقيصر ملوك فارس والروم وهم أعداء الله، يعيشون في ذهب وفضة وحرير وديباج وأنت حبيب الله تعيش في هذه الحالة؟ فيقول صلي الله عليه وسلم يابن الخطاب أفي شك أنت؟ أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟ قال بلى” وعن أنس رضي الله عنه قال “كان النبي صلى الله عليه وسلم من احسن الناس خلقا، فأرسلني يوما لحاجة، فقلت له والله لا أذهب وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به صلى الله عليه وسلم فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قد قبض بقفاي من ورائي، فنظرت إليه وهو يضحك فقال يا أنس أذهبت حيث أمرتك؟ قلت نعم، أنا أذهب يا رسول الله فذهبت” رواه مسلم وأبو داود.
زر الذهاب إلى الأعلى