الدكروري يكتب عن إن العاقبة للمتقين
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 19 ديسمبر
الحمد لله أحاط بكل شيء خبرا، وجعل لكل شيء قدرا، وأسبغ على الخلائق من حفظه سترا، أحمده سبحانه وتعالي وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، أرسله إلى الناس كافة عذرا ونذرا، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، أخلد الله لهم ذكرا وأعظم لهم أجرا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين أما بعد، إن للمتقين معية خاصة فالله سبحانه وتعالى معهم بتأييده ومعونته وهديه فقال تعالي في سورة النحل ” إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ” وأيضا إمداد المتقين بالملائكة، وتثبيت قلوبهم أثناء الحروب مع أعدائهم، وحسم الصراع لصالحهم، فيكون النصر حليفا لهم بإذن الله تعالى.
فقال تعالي في سورة آل عمران ” بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ” وكما أن بالتقوى يحصل الرخاء والخصب والوفرة في الإنتاج، وسعة العيش، بسبب الأمطار التي هي سبب كل خير من زرع وضرع فقال تعالي في سورة الأعراف ” ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض” وكما أن المتاع الحسن للمتقين إذ ييسر الله تعالي لهم بلطفه وبره وإحسانه العيش الرغيد الهنئ، والحياة الكريمة، والنفسية المطمئنة، ويفيض عليهم نعمه الحسية والمعنوية، وتنزل عليهم السكينة، وهذا المتاع الحسن هو ثمرة عبادتهم لله تعالى وتقواهم له واستغفارهم وتوبتهم إليه، لقوله تعالى في سورة هود ” وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله”
وقوله تعالى في سورة النحل “من عمل صالحا من ذكر وأنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ” وهكذا فإن العاقبة الحسنة ثابتة للمتقين، وبناء عليها يتم قطف الثمار، وتحصيل النتائج المرجوة، لقوله تعالى “إن العاقبة للمتقين” ولما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل أبا بكر الصديق رضى الله عنه إلى الإسلام فأسلم، إذا بالصديق رضى الله عنه يستشعر المسؤولية، ويجد في الدعوة الفردية، فيسلم على يديه صفوة من خيار الصحابة منهم عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص، وطلحة بن عبيد الله، فكانوا نعم الأعمدة الشامخة لدعوة الله، ونصرة الإسلام، فهذا هو أبو بكر الصديق صاحب الجسم النحيف، فهو ضعيف الجسد، ولكنه قوي الهمة والإرادة.
وكان يقول عن نفسه ” والله ما نمت فحلمت ولا سهوت فغفلت, وإنني على الطريق ما زغت” فكانت هذه الكلمات تعبر عن مدى تغلغل مفهوم الجدية، في نفس أبي بكر الصديق فالعمر قصير والهدف سام، ولا وقت للهزل، فمن جد وجد، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الصحيحين في الشفاعة “يترك الله عز وجل الناس بعضهم يموج في بعض، أى لا يقضي بينهم بحساب، فيبلغون من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول بعضهم لبعض ألا ترون ما بلغكم؟ ألا تنظرون أحدا يشفع لكم عند ربكم؟ فيذهبون إلى آدم فيقول لست لها، ويحيلهم على نوح عليه السلام، وهو أول أولي العزم من الرسل، فيقول لست لها، فيحيلهم على إبراهيم، ثم يحيلهم إبراهيم على موسى الكليم عليه وعلى نبينا الصلاة والتسليم.
ثم يذكر نبى الله موسى القبطي الذي قتله فيحيلهم على نبى الله عيسى، فيقول عيسى لست لها، ولكن ائتوا محمدا عبدا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيأتون نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيقول ” أنا لها أنا لها، فيدخل على ربه عز وجل، فإذا رأى ربه عز وجل خر ساجدا” فيقال “ارفع رأسك، وسل تعط، واشفع تشفع، فيشفع في الخلائق كلهم”.
زر الذهاب إلى الأعلى