اقتصاد الظلام، و جريمة العملات الرقمية
كتب #مهندس أحمد بهجت، خبير أمن معلوماتي.
أنشطة لا تدخل في إحصاءات الحكومة، ولا تدخل في حسابات الناتج المحلي الإجمالي للدولة، وتتميز بالسرية التامة، بحيث تَخفى على الجهات الرسمية تحركات الأموال التي تنتج عن هذه الأنشطة، وهذا ما يطلق علية باقتصاد الظلّ أو الاقتصاد الخفي.
اقتصاد الظلّ نوعان من الأنشطة : أولهما يعدّ من الأنشطة المشروعة التي من خلالها يتم تقديم خدمات مسموح بها قانونيًا ولكنها تتم دون علم الجهات الرسمية بها، مثل المهن الحرة كالنجار والسباك ؛فهما مثلا يُمارسان أعمالها، ولا يحملان رخصًا من جهة مختصة، وبالتالي فإن الأجور التي يحصلان عليها لا تدخل في الاقتصاد الرسمي.
أما النوع الثاني، فهو الأشد خطورة؛ لأنه أعمال غير مشروعة وبطريقة منافية للقانون، مثل تجارة المخدرات والأعضاء والسلاح، والتهرب الضريبي، والتزوير والرشاوي، وسرقة الآثار و بيعها.فكلّ هذه الأعمال تندرج تحت ما يسمى بـ الاقتصاد الأسود أو ما يطلق عليه اقتصاد الجريمة.
ومن هنا يأتي دور عملية غسل الأموال والتي يكون هدفها الأساسي إخفاء المصدر الأساسي الذي أتت منه هذه الأموال غير المشروعة وإدخالها ضمن الإطار المشروع؛ لإضفاء مزيد من الشرعية عليها .
وهنا يأتي سؤال موضوع المقال، ما علاقة البتكوين وغيرها من العملات الرقمية بذلك؟
أقول لكم : إن عملة البتكوين وغيرها من العملات الرقمية يتمّ تداولها بشكل كامل عن طريق شبكة الإنترنت، وتتصف هذه العملات بأنه لا توجد جهة رسمية تقوم بإصدارها والتحكم بها، كما أنه لا يوجد لها رقم تسلسلي أو أية وسيلة يتم من خلالها تتبعها ومعرفة اتجاهها.فعلى سبيل المثال، المعاملات المالية بين شخصين عن طريق عملة البتكوين، تكون بصورة مباشرة دون وجود هيئة وسيطة تنظّم هذا التعامل، أيضًا وبدون المرور عبر المصارف والبنوك، ولا يمكن لأحد أن يعرف أين ذهبت الأموال ولالمن ذهبت ولماذا استخدمت.
ومن هنا فإن عملة البتكوين عملة غير رسمية وغير مركزية ولا توجد رقابة عليها، فإنه يتم استخدامها في العديد من الأنشطة غير المشروعة، كتجارة المخدرات وأعمال القرصنة الإلكترونية وعمليات النصب والاحتيال، وتمويل العمليات الإرهابية، وغسل الأموال، و تجارة المخدرات، وغيرها من الأعمال التي تتنافى مع القانون، وتساعد في انتشار الجريمة.
أما الإنترنت المظلم يوجد على شبكة مشفرة ولا يمكن اكتشافه باستخدام محركات البحث التقليدية أو زيارته باستخدام المتصفحات التقليدية، للوصول إلى ألـ”دارك ويب” يتطلب استخدام متصفح مجهول يسمى Tor، وآخر الإحصاءات العالمية أنه يوجد نحو 3.6 مليار مستخدم نشط للإنترنت حول العالم، ولكن ما لا يدركه الكثيرون منهم أن ما يشاهدونه على تلك الشبكة العنكبوتية ليس إلا الجزء الضئيل فقط من حجمها، لأن الجزء الأكبر منها مثل الجبل الجليدي مخفي في الأسفل ويطلق عليه “الإنترنت المظلم”.
ويمكن من خلال الإنترنت المظلم القيام بعدد كبير من العمليات غير المشروعة، والتي جاءت على سبيل المثال، فيما يلي:
• شراء أرقام بطاقات الائتمان
• تداول جميع أنواع المخدرات
• البيع غير المشروع للأسلحة
• تداول الأموال والعملات المزيفة
• بيانات اعتماد الاشتراكات المسروقة
• حسابات نتفلكس المخترقة
• برامج القرصنة والهاك
• فواتير بنكية مزيفة
• استئجار هاكرز لمهاجمة آخرين
• شراء أسماء مستخدمين وكلمات مرورهم
مخاطر الإنترنت المظلم
حدد تقرير “إنتو ذا ويب أوف بروفيت” العالمي الأدوات أو الخدمات التي تقدم عبر شبكات الدارك ويب، وربما تشكل خطرا على الإنترنت بشكل عام.
وجاءت تلك الأدوات أو الخدمات على النحو الآتي:
1. الأدوات أو البرمجيات الضارة
2. خدمات مجانية لهجمات سيبرانية عن بعد
3. خدمات التجسس والاستهداف لأي شخص
4. خدمات الدعم التعليمية لأساليب القرصنة
5. أوراق الاعتماد البنكية
6. أدوات التصيد الاحتيالي
7. بيانات العملاء
8. غسل الأموال
9. البيانات التشغيلية للعملاء
10. البيانات المالية للعملاء
11. أسرار تجارية وكسر حقوق الملكية الفكرية
حدد التقرير أيضا 3 مخاطر جديدة ناشئة من الإنترنت المظلم، والتي جاءت على النحو التالي:
1. التقليل من قيمة المؤسسات
وتكمن الأزمة الرئيسية في أن تلك الأنشطة يمكنها أن تسفر عن تقويض الثقة في علامة تجارية بعينها، أو تضر بسمعة شركة أو خدمة منافسة، أو تسمح بتحقيق شركة منافسة لمكاسب على حساب شركة أخرى.
2. تعطيل المؤسسة
والتي قد تشمل هجمات سيبرانية أو بث برمجيات الضارة الأخرى التي تؤثر على العمليات التجارية، لأحد الشركات المنافسة.
3. طرق الدفع عبر الإنترنت المظلم
يحتاج الإنترنت المظلم أساليب مختلفة في تحويل الأموال، كيف يستخدم في السابق، حسابات أموال في بنوك سرية لا تصفح عن هوية أصحابها مثل البنوك السويسرية وبنوك في جزر الكاريبي وما إلى ذلك من الدول ومن أبرز طرق الدفع علي مواقع الدارك ويب هي Neteller و Skrill .
ولكن مع ازدهار وبزوغ شمس العملات الرقمية المشفرة مثل “بيتكوين”، باتت هي العملية الرسمية المتداولة في جميع العمليات التجارية المبرمة عبر الإنترنت المظلم.
ولكن رغم أن معظم العمليات التجارية تجرى باستخدام العملات الرقمية المشفرة مثل “بيتكوين” وغيرها من العملات، إلا أنها أيضا أوقعت أصحابها في مشاكل كبيرة مرتبطة بأمان تلك الأموال والعمليات التجارية، التي في مجملها تكون غير شرعية مثل تجارة الأسلحة والمخدرات والمعلومات الرقمية المقرصنة.
التجارة على الإنترنت المظلم.
لا تختلف مواقع التجارة الإلكترونية المظلمة كثيرا عن مواقع التجارة الإلكترونية العادية، إلا في محتوى ما تبيعه فقط، حيث تحتوي على تقييمات ومراجعات للمستخدمين، وعربات للتسوق، ومنتديات لمعرفة الآراء.ورغم ذلك التشابه، إلا أن هناك خدمات أخرى حصرية بتلك المواقع المظلمة، مثل خدمة مراقبة الجودة، خاصة وأن كلا من المشتري والبائع شخص مجهول الهوية، ومعظمهم أشخاص خبراء في القرصنة الإلكترونية أي يمكن التلاعب في التقييمات بكل سهولة، لكن مراقبة الجودة تضمن أن المنتج يصل بصورة سليمة إلى المشتري وأن يدفع المشتري المقابل المادي لتلك الخدمة.
زر الذهاب إلى الأعلى