أخبار مصر

الدكروري يكتب عن قليل متقن خير من كثير سيء

الدكروري يكتب عن قليل متقن خير من كثير سيء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الأحد الموافق 26 نوفمبر

الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد إن المسلمين لما نظروا فيما يلزم للتداول في السلع، وعلموا أن الدنانير والدراهم هي الآلية للتداول، وانتقال السلع من الناس بعضهم بعضا اهتموا بمسألة وزن الدنانير والدراهم، وأن يكون الوزن دقيقا جدا، بالشعيرة، يعني عدد حبات الشعير المتوسط، عدد معين هو الوزن، وزن الدينار ووزن الدرهم، وكان سبب الاتجاه لعملية صك الدنانير والدراهم أصلا تحدي من ملك الروم، بناء على كتاب أرسل إليه من عبد الملك بن مروان.

وكتب له فيه “قل هو الله أحد” وذكر أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فكتب إليه ملك الروم إنكم قد أحدثتم كذا وكذا فاتركوه وإلا أتاكم في دنانيرنا من ذكر نبيكم ما تكرهون، يعني أما أن تكفوا عن دعوتنا وعن قضية إعلان التوحيد هذا ووضع هذه الإعلانات في الرسائل وإلا فإن الدنانير والدراهم التي تتداولونها والمصكوك عندنا لأن نحن الذين نصك العملة، سنضع عليها سب لنبيكم، فعظم ذلك على عبد الملك، فأحضر خالد بن يزيد بن معاوية فاستشاره فيه، فقال حرّم دنانيرهم امنع التداول في البلد بدنانير الروم، واضرب للناس صكة فيها ذكر الله تعالى، فضرب الدنانير والدراهم، وكان الولاة يشددون في القضية، لأنه قد يقع فيها تزوير وغش وأن يخلط الذهب بغيره، ويكون هذا الخلط كثيرا.

نسب في الغش وكذلك مسألة الدينار هل هو دينار صغير كبير، كيف يكون وزنه ؟ وكان بعض الولاة يشدد في دقة الوزن في الدراهم والدنانير، حتى أنه وجد مرة درهما ينقص حبة، كما قلنا من حبات الشعير التي كانت توزن بها الدنانير، والدراهم بحبات الشعير وهذا يوسف بن عمر والي العراق، امتحن يوما الدراهم، فوجد درهم ينقص حبة، فضرب كل صانع ألف سوط، وكانوا مائة صانع، فضرب في حبة مائة ألف سوط، وإن من الأسباب التي تؤدي إلي عدم الإتقان هو نفاد الصبر بسرعة، لأن الإتقان لا بد له من صبر، والذي يريد أن ينتهي من الشيء سريعا ويلفقه تلفيقا ويعمل بأي طريقة لن يأتي العمل متقنا وأحيانا نستعجل فلا نعطي الوقت الكافي للعمل، ولا تتحقق الجودة، لأننا مستعجلون.

والذي يريد التفوق لا بد له من مذاكرة ومراجعة ومطالعة ومدارسة وهذا يأخذ وقتا والذي يريد أن ينتج منتجا متقنا لا بد له من وقت، ثم ينفق مال على هذا الإتقان، وبعض الناس بخيل يريدها رخيصة، وكذلك فإن ضعف الموارد المستخدمة وكذلك ضعف الأدوات اللازمة قد نأتي بأشياء بدائية أحيانا فلا يحصل الإتقان، وبعضنا يريد كثرة إنتاج على حساب الإتقان، والإنسان له طاقة محدودة، وبالتالي فإن الإنتاج وإن كان كثيرا سيكون مهلهلا، وقد قيل علامة الضبط الإقلال أي قليل متقن خير من كثير سيء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock