أخبار مصر

الدكروري يكتب عن لا مانع لما أعطى

الدكروري يكتب عن لا مانع لما أعطى

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الملقب بالصادق الأمين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، إن من أسباب حصول الثبات على الحق والهدى والدين والتقى هو الشعور بالفقر إلى تثبيت الله تعالى وذلك أنه ليس بنا غنى عن تثبيته طرفة عين فإن لم يثبتنا الله وإلا زالت سماء إيماننا وأرضه عن مكانها، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يكثر من قوله ” لا ومصرف القلوب” كما روى ابن ماجه بسند جيد مما يؤكد أهمية استشعار هذا الأمر واستحضاره ومن أسباب الثبات على الخير والصلاح هو الإيمان بالله تعالى والإيمان الذي وعد أهله وأصحابه بالتثبيت هو الذي يرسخ في القلب وينطق به اللسان وتصدقه الجوارح والأركان.

فليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل فالالتزام الصادق في الظاهر والباطن والمنشط والمكره هو أعظم أسباب التثبيت على الصالحات، فالمثابرة على الطاعة المداوم عليها المبتغى وجه الله بها موعود عليها بالخير والتثبيت من الله مقلب القلوب ومصرفها، وإن من أسباب الثبات على الطاعة والخير هو ترك المعاصي والذنوب صغيرها وكبيرها ظاهرها وباطنها فإن الذنوب من أسباب زيغ القلوب فقد قال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ” لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن” وأما الصغائر فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إياكم ومحقرات الذنوب كقوم نزلوا بطن وادي فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى أنضجوا خبزتهم وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه” وإن الله جل في علاه لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، تعرض لرحمة الله، فقد قال ربك سبحانه وتعالى ” إن رحمة الله قريب من المحسنين” فإذا أردت الرحمة فكن من هؤلاء، فقال تعالى ” إن رحمة الله قريب من المحسنين” والمحسنون في عبادة الله، المحسنون مع الخلق بكل أوجه الإحسان قولا وعملا وبذلا وسائر أوجه الإحسان حتى الإحسان إلى البهائم، فقد دخلت امرأة الجنة في كلب سقته عطشان، ودخلت امرأة النار في هرة حبستها فلم تطعمها ولم تذرها تأكل من خشاش الأرض، فاعمروا قلوبكم بالرحمة للخلق.

فإذا أردت رحمة الله فارحم الخلق، الراحمون يرحمهم الله، وليست الرحمة بعيدة على من أخذ الأسباب، بل لا تنزع الرحمة إلا من شقي، ومن لا يرحم لا يرحم، فارحموا الخلق وارحموا كل من تدرككم الرحمة في شأنهم، واحتسبوا الأجر عند الله، لا تنتظروا جزاء ولا شكورا ولا عوضا ولا مقابلة، عاملوا الله في الخلق تنجوا من كل ضائقة تكدركم في معاملتهم، وسلوا الله من رحمته صادقين فالله كريم منان لا يرد من سأله صادقا، فما من عبد يرفع يديه لربه ويرجع خالي اليدين، بل لا بد أن ينال من عطائه ما يشرح صدره ويقيه شر ما يخاف، وقد قال “إن الله حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه أن يردّهما صفرا” يعني خاليتين، ومن أجل فإن المؤمن قوي الإيمان يتميّز بقلب حي مرهف لين رحيم.

يرق للضعيف، ويألم للحزين، ويحن على المسكين، ويمد يده إلى الملهوف، وينفر من الإيذاء، ويكره الجريمة، فهو مصدر خير وبر وسلام لما حوله ومن حوله، وإذا كان الأمر كذلك فإن من أولى الناس وأحقهم بالرحمة وأمنهم بها وأولاهم بها الوالدين، فببرهما تستجلب الرحمة، وبالإحسان إليهما تكون السعادة، ثم من بعد ذلك الأولاد فلذات الأكباد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock