إسرائيل وغزة .. شهر من الحرب الشرق على حافة الهاوية
وللتاريخ بقية…
بقلم : مها الجمل
محارق وقودها الشعب الفلسطيني، مدينة بلا مأوى محاصرة برًا وبحرًا وجوًا، رجال مُهانة ونساء مقهورة، أطفال أشلاء وآخرون يولدون من رحم الموتى، لازالت المشافي تمتلئ بالشهداء ولايزال هناك تحت الأنقاض مواطنون رُدمت منازلهم فوق رؤوسهم، إبادة جماعية، مجازر دموية وتحولت غزة لبحر من الدماء يحتضن مقابر جماعية، وقوة القصف الإسرائيلي لا قيود لها، وليس لقواعد الدفاع والهجوم معايير حقوقية .. ولتاريخ الصراع العربي الإسرائيلي بقية
وصمة عار على جبين إسرائيل
على إثر الصدمة التي لحقت بإسرائيل، والضربة التي تلقتها في هيبتها يوم طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، تلك الضربة من حماس كانت ردًا على جزء بسيط من استفزازات جيش الاحتلال وجرائمه البغيضة المنافية لكل القوانين والأعراف الدولية.
وعلى إثر الفشل الذي نُسب لإسرائيل وماوصفته صحف دول العالم بأنه وصمة عار على جبينها وأن العار الحقيقي يملأ قلوب الإسرائيليين، وما كتبت عنه الصحف الإسرائيلية ومنها صحيفة “هآرتس”، التي ذكرت أن حركة حماس كشفت عري إسرائيل، وأن الجيش الإسرائيلي لم يقم بمهمته لحماية مواطنيه، لذلك وبحجم هذه المهانة التي تعرض لها الكيان الصهيوني الإسرائيلي وهذا العار الذي لحق به، هيمنت نزعة الانتقام عليه وكانت ردة فعله الوحشي الوعيد بالتدمير، وبالفعل شنَّ هجماتٍ عشوائية هوجاء على قطاع غزة قضت على الأخضر واليابس، فهرع الفلسطينيون وأطفالهم ونسائهم وشيوخهم ليحتموا بالمدارس التي للأسف ما سلمت من القصف والتدمير الوحشي، حتى ماكان منها تابعًا للأمم المتحدة تم استهدافه بما هو مخالف للقوانين والأعراف الدولية، كارثة إنسانية بمعنى الكلمة، أكثر من ٨,٠٠٠ شخص قتيل منهم ما يزيد عن ٢٠٠٠ من الأطفال، أطفال يولدون من رحم الموتى، الحرب تدخل أسبوعها الثالث، ويوازي الرقم الأول عدد من المفقودين مازالوا تحت الأنقاض أو دفنوا ولم يتم التعرف عليهم، عائلات تُباد بالكامل ومُسحت بأكملها من السجل المدني.
تصعيد عشوائي
الاستهداف من قِبل إسرائيل كان المقصود توجيهه عشوائيًا للبنية التحتية المدنية الأساسية، بما في ذلك المساجد والمنازل والقطاع الصحي في غزة وخان يونس ودير البلح وغيرها وتم تسويتها بالأرض، رغبة في القضاء على حماس، “كما تدعي إسرائيل”، المستشفيات والمرافق الطبية قُطعت إمدادات خطوط الكهرباء عنها لنفاذ الوقود، وقطعت المياه وتعطلت المرافق الصحية مما تسبب في وقوع كوارث داخل المستشفيات وأقسام العناية المركزة المخصصة لإسعاف الحالات الحرجة من المدنيين والأطفال إثر الاستهداف المباشر من الطيران الإسرائيلي، قصف لسيارات الإسعاف وأطقمها، إلى درجة عجز عندها الهلال الأحمر الفلسطيني على الصمود وخروج كثير من المستشفيات من الخدمة لنقص الوقود، تكدست جثث الموتى والأشلاء مجهولة الهوية في ثلاجات المستشفيات واكتملت بملء ثلاجات الأغذية في الشوارع، الأمر الذي تصعد وازداد تعقيدًا بلا قواعد وبلا أي مراعاة لحقوق الإنسانية وعدم وضع أي اعتبارات للقانون الدولي لحقوق الإنسان، ازداد التصعيد الإسرائيلي العشوائي، وصار الاستهداف الرئيسي هو المنشآت المدنية والمستشفيات بمن تأويهم سواء مرضى يتلقون العلاج أو نازحين يختبئون فيها، فتم قصف المستشفى الأهلي “المعمداني” بمن فيها في السابع عشر من شهر أكتوبر بغزة، تلك المذبحة التي يدمي لها القلوب أودت بحياة نحو خمسمائة ضحية بريئة، وعدد كبير من الجرحى، محارق وقودها الشعب الفلسطيني وما زالت الخطوات العربية توصف بأنها خجولة.
دخول الحرب شهرها الثاني
حياةُ الفلسطينيين تزداد سوءًا وصعوبة يومًا بعد يوم، تحولت فصول المدارس لأماكن لعلاج الجرحى ونزوح المدنيين إليها، إلى أن طالتها يد الصهيوني الغادر، ١٨٩ مدرسة دُمرت واستوت بالأرض بمن فيها، ارتفع عدد الضحايا في قطاع غزة حتى الآن إلى أكثر من عشرة الاف قتيل ٧٠٪ منهم من النساء والأطفال، ٢٤ ألف مصاب وأكثر من نصف مليون هُجِّروا من غزة للجنوب في العراء، استباحت اسرائيل سياسة الأرض المحروقة فتم تحويل غزة إلى بحر من الدماء يحتضن مقابر جماعية بعد المجزرة الجماعية التي استهدفت “مخيم جباليا” للاجئين، لتتحول غزة بعد ذلك إلى منطقة عسكرية مغلقة تمهيدًا للغزو البري الذي تخطط له إسرائيل.
ومع استمرار الغارات الإسرائيلية بشكل مكثف واستهداف مناطق عدة دون توقف، استخدام قذائف فوسفورية محظورة دوليًا، هذا النوع من القذائف استخدمته إسرائيل من قبل في ٢٠٠٨ أثناء الحرب على غزة، تجويع الشعب الفلسطيني في ظل انقطاع التيار الكهربائي وتوقف الاتصالات وشبكة الانترنت وقطع سبل الحياة عن المدنيين العزّل، استشهاد أكثر من ١٥٠ كادرًا طبيًا وتدمير أكثر من ٢٧ سيارة إسعاف وخروجها من الخدمة، إن وضع المدنيين يزداد سوءًا ليصل إلى كارثة إنسانية، المزيد من الجرائم البشعة وتمارس إسرائيل نفس ماكان يحدث لها من قِبل النازيين.
وتزداد المخاوف من جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يوسع نطاق هجماته على القطاع، أكثر من ٧,٥ مليار دولار صرفتها إسرائيل على الحرب تمهيدًا لعملية الاجتياح البري مع الدعم الأمريكي له المتخوف من توسع نطاق الحرب ودخول أطراف أخرى.
توسيع المواجهات والشرق على حافة الهاوية
تتوالى الضربات المتتالية بلا رحمة على جميع أنحاء القطاع وتصفية الشعب بأكمله على مرأى ومسمع العالم، هذا العالم الذي انتزعت من قلبه الإنسانية وهو لا يبالي بما يعانيه الشعب الفلسطيني، ومع ذلك يظل صامتًا.
يزداد التصعيد وتتسع حلقة المواجهات ويتواصل القصف بين إسرائيل وجنوب لبنان، لكن الخوف من تمدد رقعة الاشتباكات وربط مايحدث في لبنان مع ما يحدث في غزة، تزداد المخاوف لامتداد واتساع المواجهات بين حزب الله وإسرائيل، وكسر الخطوط الحمراء على الحدود اللبنانية الإسرائيلية سيقودنا إلى حرب واسعة لا قواعد لها أو قل حرب عالمية ثالثة، فإذا تركت الأمور هكذا ولم يتم احتوائها فسيصبح الشرق الأوسط على حافة الهاوية.
استهداف الصحفيين وعائلاتهم
استهداف الصحفيين وعائلاتهم، جزء من حرب إبادة تشنها دولة الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة، لمنع أداء عملهم ونقلهم الصورة الحقيقية للعالم وتوثيقها، فقد تم قتل أكثر من ٣٠ صحافيًا في غزة منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس وقصف منازلهم فوق رؤوس ساكنيها، والإصابات ترتفع لأكثر من ٢٠ حالة وتدمير أكثر من ٥٠مقرًا لمؤسسات إعلامية، ويفصح الجيش الإسرائيلي عن عدم ضمانة لسلامة الصحفيين، وتم توجيه اتهامات عدة للجيش الإسرائيلي بالاستهداف المتعمد للصحفيين.
انقسام في المجتمع الإسرائيلي والأوروبي
الجميع يندد بأضرار التصعيد، تتواصل الاحتجاجات من مدن أوروبية وعربية تطالب بوقف إطلاق النار، في نفس الوقت هناك انقسام شديد في المجتمع الإسرائيلي، تزداد أصوات المعارضة للمجتمع المدني وتزداد الضغوط من قِبل عائلات الرهائن ويزداد التصعيد بالمماطلة في الإفراج عنهم وعدم استجابة حكومة نتنياهو.
إسرائيل تعتمد في جيشها على قوات الاحتياط، وهي أكبر بكثير من الأساسي، وهؤلاء يعملون في القطاعات الأخرى الاقتصادية والمدنية وغيرها وحين يتم استدعائهم للحرب والاجتياح البري لغزة سيؤثر ذلك على الاقتصاد الإسرائيلي، والاجتياح البري يحتاج فترة طويلة وهذا مالم تتحمله إسرائيل لأنها تعتمد على ضرباتها الخاطفة السريعة،نفس الوقت مجازر وإبادة جماعية للشعب الفلسطيني وتشديد الحصار عليه والتضييق على المساعدات الإنسانية التي تدخل عبر معبر رفح ولا تفي باحتياجات المدنيين، مما أدى لانفجار أزمة الجوع واقتحام مستودعات وكالات الأونروا للطعام، وازدياد الأوضاع سوءًا بانتشار الأمراض والأوبئة.
شعب يُدمر ويُباد ويُهجر، شعب يتسول لقمة العيش ورحمة الحياة وعليه الاختيار إما البقاء فالموت والإبادة، وإما الخروج والفرار والنزوح وإخلاء القطاع، وأي إخلاء هذا؟ وإلى أين وكيف؟ أهو الاتجاه إلى الوادي جنوب غزة والذي لايصلح للعيش الآدمي!؟ أم الاتجاه من غزة إلى سيناء عبر معبر رفح .. وهذا ما تريده إسرائيل ويريده الغرب .
فكرة الوطن البديل
فكرة الوطن البديل التي تنشط عبر التاريخ، هذه الفكرة الموجودة لدى الجانب الإسرائيلي منذ زمن بعيد، تقوم بالضغط على أهل غزة نفسيًا ومحاربتهم للفرار والنزوح جنوبًا، فلا يجد الفلسطينيون مخرجًا إلا الحدود المصرية والدخول إلى سيناء، مثلما حدث في ٢٠٠٨ عندما اجتاح حدود مصر عدد كبير من الفلسطينيين، وهنا ضاعت القضية الفلسطينية.
وتحتضن الفكرة الولايات المتحدة الأمريكية، وتجد فيما فعلته حركة حماس في السابع من أكتوبر هدية لها على طبق من فضة، تقدم لإسرائيل الدعم الكامل والمطلق والإسناد السياسي والعسكري والمعنوي، وكل التطمينات بأنها في جوارها في حال أي اعتداء “وعلى حد قولها بأنه دعم غير مشروط”، فتقوم بإرسال أضخم حاملة طائرات في العالم وتدعمها بأسطول ضخم يرافقها إلى شرق البحر المتوسط، و تساندهم إنجلترا وترسل أيضًا مقاتلات وقوى عسكرية للمنطقة في شرق المتوسط لدعم الجرائم الصهيونية، ومع كل هذا الدعم لإسرائيل تطلب أمريكا من العالم تقديم مساعدات إنسانية للشعب الفلسطيني، أي مساعدات تطالب بها أمريكا وهي في نفس الوقت تعطي السلاح لإسرائيل لإبادة شعب وتدمير أطفالهم!!، حتى أبسط حقوق الإنسانية انتزعتها منهم، أي إنسانية تتكلمون عنها وفريق مسلح يواجه مدنيين عزل..! ، تطلبون من مصر فتح ممرات آمنة وفي نفس الوقت تقدمون السلاح لإسرائيل لقتل وإبادة شعب بأكمله، أي سياسات تنتهجونها؟ وأي مكيال تكيلون به، وأي توريط لمصر وجيشها ترسمون وتخططون؟
وهل كل هذه المجازر التي تشنها إسرائيل على غزة وأهلها هدفها الحقيقي الدفاع عن النفس والخلاص من حماس أم هو مخطط قد خُطط له من قبل لتصفية القضية الفلسطينية وتهجيرهم لسيناء واستيلاء إسرائيل على فلسطين.
موقف مفتوح واتجاهات متعددة
احتضان أمريكا لإسرائيل، وكل ما تقدمه لها من دعم لهذه الإبادة الجماعية والتجاهل التام لوجود دولة فلسطين، هو موقف مفتوح لاتجاهات متعددة يمكن تفسيرها بطرق مختلفة.
يرسخ بايدن للترشيح ويعيد مكانته التى اهتزت من قبل، وقد نعتبر هذا الاحتضان والطمأنة من الجانب الأمريكي وسيلة واضحة لتزويد الجانب الإسرائيلي بالذخيرة والأسلحة التي تحتاجها لردع حماس، (وهل فعلًا إسرائيل بكل قدراتها العسكرية تحتاج هذا الدعم وتلك القدرات الأمريكية لطمأنتها ودعمها..!؟)، وقد يفسر البعض أيضًا مساعدات أمريكا لإسرائيل بأنها إشارة واضحة منها لبعض الدول في منطقة الشرق الأوسط كإيران مثلًا لمنع دخولها كطرف ثالث للحرب، حيث أن حماس وحزب الله يحظيان بدعم إيران، وإيران لا تخفي سرًا أنها تدعم حماس، وقد يفسره البعض بأنهم يستغلون الأحداث، فشعورهم بالخطأ عندما انسحبوا تدريجيًا من الشرق الأوسط مسبقًا، وجدوا ما فعلته حماس في السابع من اكتوبر فرصة للعودة مرة أخرى للشرق الأوسط.
الحرب خدمت إيران
هذه الحرب خدمت إيران وجعلتها تستفيد هي الأخرى من قصف إسرائيل لغزة ومأساة الفلسطينيين، هي تحصد جوائز سياسية من رسالة أمريكا لها بعدم التدخل بشكل مباشر وغير مباشر، هذا يعطيها هذا الاهتمام السياسي لتصبح محل أنظار الغرب، وإيران لا تخفي سرًا أنها تدعم حماس، كذلك دول المنطقة العربية تخشى دخول إيران حتى لاتتحول الحرب إلى حرب عالمية، وإيران لا تأبه بأي محفزات أمريكية فسياستها الهيمنة على المنطقة.
فوق القانون الدولي وفوق المساءلة
قرارات الأمم المتحدة التي دهستها إسرائيل، وإقرارها بإلقاء أكثر من أربعة أطنان من القذائف على غزة، هل هي دفاع عن النفس؟، هل الإبادة الجماعية للفلسطينيين نساءً وأطفالًا وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه القانونية والمشروعة في الكرامة والماء والغذاء والرعاية يعتبر دفاعًا عن النفس لإسرائيل؟هل الوقوف أمام حماس يوجب تدمير الشعب الفلسطيني؟ هل هذا الانحراف السياسي حق لإسرائيل؟! وإن كان كذلك فأين حق المدنيين الفلسطينيين الذين يُبادون كل يوم على مرأى ومسمع العالم؟
إن ما يحدث في غزة ليس دفاعًا عن النفس، بل هو مجزرة بكل وضوح، فالوضع الإنساني والبيئي في غزة صار كارثي، إسرائيل تعتبر نفسها فوق المساءلة وفوق القانون الدولي وتستفز العالم أجمع بالمناظر التي يندى لها البشرية.
إن حق إسرائيل لابد أن يتلائم مع القانون الدولي والقيم الإنسانية، إن حق إسرائيل لابد أن لا يتعدى حق المدنيين، للأسف التهجير القسري للمدنيين بمثابة حكم إعدام لهم وتصفية للقضية الفلسطينية، وقتل الأطفال والنساء والشيوخ وتحويل غزة إلى محرقة هو جريمة حرب يجب أن يحاكم فاعلها.
المنظمات الحقوقية في ورطة
ضبابية الهدف العسكري لإسرائيل والهجمات التي قامت بها حماس وعشوائية الرد من جانب إسرائيل، وعدم التناسب في القدرات بين جيش دولة مزود بأحدث الأسلحة والتقنيات العسكرية ومدعومًا بمساعدات من قوى العالم العظمى سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في مقابل قدرات حركة مسلحة إما بأسلحة بدائية أو مهربة لها من دول أخرى، وعدم الالتزام بقواعد قانون الحرب والقانون الإنساني، واستخدام المدنيين دروع بشرية كستار وحماية كان نتيجتها هلاك آلاف الأطفال والنساء والشباب، كل ذلك أدى لتفاقم صعوبة عمل المنظمات الحقوقية وأظهر ماتعانيه من شح في الحضور وضعفًا في التعبير ووهنًا في التأثير، بالتالي تم وضعها في ورطة فأظهر احتياجها لاكتشاف الذات والحقوق في ضوء حرب غزة.
على المنظمات الحقوقية إعادة النظر في المنظومة العالمية والأممية لحقوق الإنسان، بشكل يجعلها أكثر اتساقًا وقبولًا لتعدد الثقافات وأكثر قدرة على احتضان التنوع والتعدد ولا تقف على الديمقراطية الغربية فلا تسييس لحقوق الإنسان.
لابد أن تعيد منظمات حقوق الإنسان شرح وتوضيح قواعد القانون الإنساني الدولي وبالأخص الذي يحكم الأعمال القتالية، وإلزام كل الأطراف في أي نزاع مسلح على احترام قوانين الحرب، ووضع معايير حقوقية خاصة في قواعد الدفاع والهجوم، كذلك وجوب التمييز في كل الأوقات بين المدنيين والمقاتلين من حيث مبدأ (حصانة المدنيين)، وعدم استهداف المدنيين إلا عند المشاركة في الأعمال القتالية، كذلك الانتماء لأي حركة مقاومة أو فصيل سياسي لا يعتبر كافيًا لاستهداف الشخص كهدف عسكري مشروع، كذلك يجب على المنظمات الحقوقية أن تحظر القتال في المناطق الموجود بها مدنيين وتفرض على الأطراف المتحاربة التزام تقليص الضرر الواقع على المدنيين.
موقف مصر من القضية الفلسطينية
مصر دولة قوية لاتُمس، وفكرة نزوح وعبور الفلسطينيين الحدود المصرية إلى داخل سيناء هذيان، وموقف مصر من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على مرالتاريخ سواء قبل هذه الأزمة وخلالها وبعدها ثابت لم ولن يتغير، فلا سلام دون حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، ولن تتخلى مصر عن دورها في الدفاع عن القضية الفلسطينية وفي نفس الوقت لن تسمح بتنفيذ أي مخطط تهدف إليه دولٌ أخرى، ويتعرض إلى أمن مصر وأمانها واستقرار شعبها.
قمة القاهرة للسلام
من أجل وضع حدًا للكارثة التي تتم في قطاع غزة على مرأى ومسمع العالم وعمليات الإبادة الجماعية الممنهجة التي تنفذها إسرائيل دون هوادة، ومحاولات التهجير القسري للشعب الفلسطيني من أرضه وتصفية قضيته، يأتي التحرك المصري في لحظة تاريخية تمر بها المنطقة العربية عامة وفلسطين على وجه الخصوص، وتأتي دعوة مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لعقد قمة تكون بداية لمزيد من التواصل الدولي والإقليمي والتطرق في أكثر من اتجاه لإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية التي هي جوهر ولب الصراع في الشرق الأوسط وأصله وأساسه، كذلك الوقف السريع لإطلاق النارعلى المدنيين وإيصال مواد الإغاثة الطبية والغذائية والوقود ومياه الشرب إلى نحو مليونين و٤٠٠ ألف نسمة في قطاع غزة، ووضع الرئيس السيسي مهمة إيصال المساعدات الإنسانية في مقدمة أولوياته لأبعادها الإنسانية والحياتية.
مصر رمانة الميزان
مصر رفضت بقوة فتح المعبر لمزدوجي الجنسية الذين يحملون الجنسيات الأجنبية إلا بعد الوصول لقرار يسمح بدخول المساعدات داخل القطاع وتحقيق الحقوق المشروعة للمدنيين داخل غزة .
واستمرت مصر على موقفها وأصرت عليه حتى تم قبول الاتفاق والسماح بإجلاء المصابين وأصحاب الحالات الحرجة والجرحى الفلسطينيين من داخل القطاع ويتم علاجهم في مستشفيات مصر التي تم تحديدها، هذا يأتي بالتزامن مع استمرار عبور شاحنات المساعدات من مصر إلى غزة عبر معبر رفح في مقابل إجلاء ومرور حاملي الجوازات الأجنبية إلى بلادهم، واستمر تعنت إسرائيل وتعطيلها للموضوع فسمحت بمرور المئات من حاملي الجنسيات الأجنبية في مقابل عشرات من المصابين مدعية أن أفراد حماس يذهبون ضمن المصابين.
مصر تولي موضوع إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين وحقن الدماء اهتمامًا كبيرًا بينها وبين الجانب الأمريكي، لتوفير آلية مستدامة لوصول المساعدات للقطاع وتبادل الأسرى على الرغم من استمرارية تعنت الجانب الإسرائيلي ورفضه لهدنة وفرضه حظرًا على دخول الوقود داخل غزة ضمن المساعدات .
ارتباط مصر بقضية فلسطين هو ارتباط دائم ثابت، تمليه اعتبارات الأمن القومي المصري وروابط الجوار والتاريخ والدم والقومية مع شعب فلسطين، لذلك لم يكن الموقف المصري من قضية فلسطين في أي مرحلة يخضع لحسابات ومصالح، ولم يكن أبداً ورقة لمساومات إقليمية أو دولية، لا يوجد دولة أعطت ووقفت بجانب الشعب الفلسطيني أكثر من مصر منذ ثورة 23 يوليو 1952 وما قبلها فهي تؤكد على حق الشعب الفلسطيني في السيادة على نفسه وإقامة دولة فلسطينية مستقلة .
دور مصر مستمر وستظل مصر هي الوحيدة القادرة على لعب دور حقيقي في المنطقة، والصراع الحالي يشهد على موقف مصر وتهدئتها للأمور حتى لاتشتعل المنطقة، والأيام القادمة سوف تشهد على دورها.
ستظل مصر صامدة باقية وقادرة، حافظة للأرض وحامية للعرض، وتفيض على العالم بالسلام والمحبة والأمان.
هذه الأزمة كشفت للعالم الكثير والكثير من الحقائق، وبطولة الشعب الفلسطيني علمتنا كيف يكون الصمود مهما كان حجم المهانة كبير، علمتنا كيف يكون الانتماء للوطن والارتباط بالأرض مهما تعددت الأحزاب والطائفية، ومازال الشعب الفلسطيني تحت القصف والواقع المأساوي في غزة يردد (مازلنا على قيد الحياة).
نسأل الله أن تمر هذه المحنة على خير وسلام .. وللتاريخ بقية…