الدكروري يكتب عن من لا يأمن جاره بوائقه
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم السبت : الموافق 4 نوفمبر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله الطيبين وصحبه أجمعين، الذي نشأ صلى الله عليه وسلم متحليا بكل خلق كريم، مبتعدا عن كل وصف ذميم، فكل خلق محمود يليق بالإنسان فله صلى الله عليه وسلم منه القسط الأكبر، والحظ الأوفر، وكل وصف مذموم فهو أسلم الناس منه، وأبعدهم عنه، شهد له بذلك العدو والصديق، وقال القاضي عياض ” وأما
الأخلاق المكتسبة من الأخلاق الحميدة، والآداب الشريفة التي اتفق جميع العقلاء على تفضيل صاحبها، وتعظيم المتصف بالخلق الواحد منها فضلا عما فوقه، وأثنى الشرع على جميعها، وأمر بها، ووعد السعادة الدائمة للمتخلق بها، ووصف بعضها بأنه جزء من أجزاء النبوة، وهي المسماة بحسن الخلق.
فجميعها قد كانت خلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ” ويصف عروة بن مسعود الثقفي كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه الكرام فيقول ” لقد وفدت على الملوك وعلى قيصر وعلى كسرى والنجاشي، والله ما رأيت ملكا يعظمه أصحابه كما يعظم أصحاب محمد محمدا، والله ما تنخم نخامة ووقعت في كف رجل منهم إلا دلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، ولا يحدون إليه النظر تعظيما له ومهابة له ” فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، أما بعد إنه يجب تربية أهل البيت من زوجة وولد على تعظيم حق الجار، وكف الأذى عنه، ويخبرهم بما في إكرام الجار من عظيم الأجر، وما في أذيته من الوعيد الشديد.
فإن الأذية قد لا تصدر من الرجل لجاره، ولكن من زوجه أو ولده، ولو وقع ذلك منهم فلا يتساهل به، بل يظهر غضبه عليهم مما وقع منهم من أذية جيرانهم ليعلموا أن هذا الأمر شديد فلا يتهاونون به، والرجل سلطان أهله وولده، والله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وعن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما قالا، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه” متفق عليه، وعن أبي ذر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم “يا أبا ذر، إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك” رواه مسلم، وفي رواية له عن أبي ذر قال ” إن خليلي صلي الله عليه وسلم أوصاني إذا طبخت مرقا فأكثر ماءه، ثم انظر أهل بيت من جيرانك فأصبهم منها بمعروف”
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال أن النبي صلي الله عليه وسلم قال ” والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل من يا رسول الله؟ قال الذي لا يأمن جاره بوائقه” متفق عليه، وفي رواية لمسلم “لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه” وعنه رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم “يا نساء المسلمات لا تَحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة” متفق عليه، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم “خير الأصحاب عند الله تعالى خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره” رواه الترمذي.
زر الذهاب إلى الأعلى