الدكروري يكتب عن مجال الدعوة وتخريج الدعاة
بقلم / محمــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه والتابعين، أما بعد إن الإنسان في حياته الدنيوية مرمى لسهام الفتن المتنوعة، لا تمضي عليه واحدة إلا خلفتها أخرى، وقلوب بني آدم هي التي بها تبتلى وتختبر، حيث قال رسول الله صلى الله عليه و سلم “تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه” فإنه لا أضر من فتنة تميل المسلم عن الطريق المستقيم إلى سبل أهل الجحيم.
فمن إسلام إلى ردة، ومن سنة إلى بدعة، ومن طاعة إلى معصية، وإن وقتنا الحاضر بتقنيته العالية، ووسائل اتصاله الحديثة قد جعلت أهل الأرض كأنهم يعيشون في غرفة واحدة من خلال الهاتف والقناة والانترنت، فسوقت العقائد المنحرفة، والأفكار الضالة فوصلت إلى البيوت، واختلطت البيئات بعد أن كان المسلمون لا يعرفون إلا بيئة الإسلام والسنة والطاعة، وإن شيوع الانحراف عن الحق الذي يدعو إليه أهل الباطل عبر وسائل الإعلام المختلفة بالإغراء بالمال أو الجاه أو النساء قد أوجد تجاوبا لدى أصحاب القلوب الضعيفة من المسلمين فباعوا الدين والقيم الحميدة بعرض من الدنيا قليل من مال أو وظيفة أو شهوة عاجلة، والواقع والأخبار تطلعنا على بعض ضحايا الشبهات والشهوات.
الذين وقعوا في شباك الكفر أو البدعة أو الخطيئة، ولهذه المظاهر ونحوها يشتد خوف المسلم على دينه واستقامته فيخاف على نفسه وأهله وأولاده من خطاطيف الضلالة التي تقف على الطرقات لأجل هذا كان الحديث عن الثبات على دين الله تعالى من الأمور المهمة في هذه الأحوال المدلهمة، وإن في مجال الدعوة وتخريج الدعاة من المساجد، فإن من المسجد تخرج عباقرة الصحابة ونحارير التابعين ومن بعدهم من القرون، وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا رسله إلى الآفاق يعلمون الناس دينهم، ويمحقون معالم الشرك وآثار الوثنية، ومستنقعات الفجور والمعاصي، وتلاهم على هذا النهج الخير والدرب النير أساتذة كبار، ومشايخ أمناء في شتى العصور والأجيال، فعمر بن عبد العزيز ومالك وأبو حنيفة والشافعي وابن حنبل.
وشيخ الإسلام ابن تيميه وابن القيم وغيرهم ممن نشروا الدعوة بألسنتهم الصريحة في الحق، وكتبهم المجدية النافعة التي ملأت مكتبات العالم وأثرتها إثراء جما، ولا سيما في عصرنا هذا، بعد أن نشطت حركة التحقيق والنشر، وينفرد المجتمع الإسلامي بنظامه الخاص، والعلة الرئيسية هي أنه مجتمع من صنع شريعة خاصة جاءت من لدن إله واحد، فهذه الشريعة التي وجدت كاملة منذ نشأتها غير مدرجة تدريجا تاريخيا هذه الشريعة هي التي أوجدت المجتمع، وأقامته على أسسه التي أرادها الله لعباده، لا التي أرادها بعض هؤلاء العباد لبعض، وفي ظل هذه الشريعة تم نمو الجماعة الإسلامية، ووجدت ارتباطات العمل والإنتاج والحكم، وقواعد الآداب الفردية والاجتماعية.
ومبادئ السلوك وقوانين التعامل ووسائل مقومات المجتمع الخاصة التي تحدد نوعه، وترسم له طريق النمو والتطور، وحري بالمسجد أن يقوم بدوره في بناء هذا المجتمع، لأنه مركز التوجيه والإشعاع، ومقر التخطيط لبناء المجتمع، ومنبر الهداية والإرشاد لجميع من دخله من المسلمين دون تفريق بينهم.
زر الذهاب إلى الأعلى