الدكروري يكتب عن شر الدنيا مهول فهي أعمار تزول
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الملقب بالصادق الأمين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، إن من أسباب الثبات على الإسلام والإيمان هو الإقبال على كتاب الله تلاوة وتعلما وعملا وتدبرا فإن الله سبحانه و تعالى أخبر بأنه أنزل هذا الكتاب المجيد تثبيتا للمؤمنين وهداية لهم وبشرى، فكتاب الله هو الحبل المتين والصراط المستقيم والضياء المبين لمن تمسك به وعمل
، ومن أسباب الثبات على الصالحات هو عدم الأمن من مكر الله، فإن الله سبحانه وتعالى قد حذر عباده مكره، وقد قطع خوف مكر الله تعالى ظهور المتقين المحسنين وغفل عنه الظالمون المسيئون كأنهم أخذوا من الله الجليل توقيعا بالأمان، أما المحسنون من السلف والخلف.
فعلى جلالة أقدارهم وعمق إيمانهم ورسوخ علمهم وحسن أعمالهم فقد سلكوا درب المخاوف يخافون سلب الإيمان وانسلاخ القلب من تحكيم الوحي والقرآن، فالحذر الحذر من الأمن والركون إلى النفس فإنه مادام نفسك يتردد فإنك على خطر قال ابن القيم رحمه الله “إن العبد إذا علم أن الله سبحانه وتعالى مقلب القلوب وأنه يحول بين المرء وقلبه وأنه تعالى كل يوم هو في شأن يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وأنه يهدي من يشاء ويضل من يشاء ويرفع من يشاء ويخفض من يشاء فما يؤمنه أن يقلب الله قلبه ويحول بينه وبينه ويزيغه بعد إقامته، فلولا خوف الإزاغة لما سألوه أن لا يزيغ قلوبهم، فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل فشر الدنيا مهول فهي أعمار تزول، وأيام تدول، وأعمال دون الطاعة تحول.
وكثير من الناس بين أمل ومأمول، فاتقوا الله، فالتقوى سبيل مأمول وأمر منشود مسؤول لا يحيد عنها إلا مذموم مخذول، وإن الكبر مختص بالله وحده فويل لمن أراد أن يكون شريكا لله بصافته، فقال الله تعالى في الحديث القدسي ” الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدا منهما قذفته فى النار” وهذه المنازعة قد تسبب العقوبة في الدنيا قبل الآخرة كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “بينما رجل يجر إزاره من الخيلاء خُسف به، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة” أي هو يغوص فيها والعياذ بالله، والجزاء من جنس العمل، وكذلك يوم القيامة، سيكون جزاء المتكبرين بأن يحشروا أمثال الذر في صور الرجال، يغشاهم الذل من كل مكان، يُساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس.
تعلوهم نار الأنيار، يُسقون من عصارة أهل النار، وهي طينة الخبال، فهذا جزاء التكبر، الذل والصغار والإهانة والاحتقار يوم القيامة، وإن المتكبر متوّعد بعدم دخول الجنة، فقَال النبي صلى الله عليه وسلم ” لا يدخل الجنة أحد فى قلبة مثقال حبة خردل من كبر” رواه مسلم، وما عصى إبليس ربه وهو أول العاصين، إلا لما استقر في قلبه من الكبر ” قال أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين” بل إن الكبر أشر وأخطر من الشرك، فقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله التكبر شر من الشرك، فإن المتكبر يتكبر عن عبادة الله تعالى، والمشرك يعبد الله وغيره، والكبر رفض الحق ودفعه وعدم الالتزام به بعض الناس أى تشتاق نفسه إلى الهداية، ولكنه يمنعه الكبر من اتباع شعائر الدين.
زر الذهاب إلى الأعلى