الدكروري يكتب عن حفرة من حفر النيران
بقلم / محمــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 28 نوفمبر
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين، لقد أنشغل الناس بأمور الدنيا وهذا لا يعني مباهجها بل المستجدات والتداعيات التي ظهرت في هذه المرحلة من عمرها والإرهاصات التي كانت تشغل القائمين بأمور المسلمين، وهذا قد نجم من ارتفاع المستوى المعاشي للفرد في الدولة الإسلامية آنذاك وتحسين الظروف الاقتصادية للدولة فشعر الإمام علي رضي الله عنه بأن الحياة الدنيا قد جذبت الناس إليها من خلال زخرفتها وزينتها فانشغلوا بأمور العمران والتفنن به واقتناء الأموال والحرص عليها، وكان حريا بأمير الدولة الإمام علي رضي الله عنه.
أن يدرس تلك الظواهر في محاولة جادة لأعادتهم إلى الطريق الصواب فأفرد لها خطبا قريبة من مسامع الناس في ذم الدنيا، والانصراف إلى أمور الدين والتشريع والقضاء وفق ما تتطلبه الشريعة الإسلامية، وكان الباعث المهم والنافع هو الباعث الديني من خلال الحرص على هذه الأركان وتطبيع الملأ عليها ولقد شكل موضوع ذم الدنيا والترهيب منها، بعدا بارزا في حكم الإمام علي رضي الله عنه إذ أفرد لذلك خطبا خاصة قصر الكلام فيها على الحديث عن الدنيا وأهوائها، وعن الآخرة وأطايبها، واعلموا يرحمكم الله بأن القبر إما أن يكون روضة من الجنان أو أن يكون حفرة من حفر النيران، وإنه للفيصل الذي به ينكشف الحال فلا يشتبه، فإن يك خيرا فالذي من بعده أفضل عند ربنا لعبده.
وإن يكن شرا فما بعد أشد ويل لعبد عن سبيل الله صد، وإن تدبر القرآن الكريم الذي يقود للعمل هو أعظم حكمة لنزول القرآن، وإن من تدبر القرآنِ وتَتَبع ما ذكره الله من عقوبات وقعت على أمم مضت بسبب انحرفها عن منهج الله، سيجد أن هذه العقوبات كثيرة ومتنوعة، وقد أمرنا الله بأخذ العبرة والعظة، فأمرنا بأخذ العبرة والعظة حتى لا نقع فيما وقعوا فيه فيحل علينا ما حل بهم، وذكر سبحانه الأسباب التي إذا أخذ بها الأفراد والمجتمعات والأمم رُفعت عنهم العقوبات ودفعت، وإن الأمة في الأزمنة المتأخرة تعرضت لعقوبات ربانية ونراها في ازدياد، ونحن نعيش مرحلة صعبة، ومن تَدبر حال الأمة وحالَها مع هذه الأزمات يأخذه الخوف والعجب، وإن المخرج من هذه الفتن لن يكون إلا بالعمل بكتاب الله.
وسنة رسول الكريم صلى الله عليه وسلم ففيهما النور والهدى، وإن من أسباب دفع العقوبات هو الإيمان بالله وبوعده، وقد وعد سبحانه أن أي أمة آمنت بالله حق الإيمان ولم تفرط بهذا الإيمان الذي هو سر قوتها ونصْرِها على أعدائها، وَعَدَها بالنجاة وقت الأزمات، وأيضا الإصلاح والدعوة إلى الله ومحاربة الفساد، فيقول تعالي ” وما كان ربك ليهلك القري وأهلها مصلحون” وتدبروا أنه قال الله تعالي “مصلحون” ولم يقل “صالحون” فالمطلوب منا هو الصلاح والإصلاح، ولا يكفي الصلاح لدفع العقوبات بدون إصلاح، فالواجب علينا جميعا أن نسعى جهدنا في صلاح أنفسنا وإصلاح غيرنا وفق هدي قدوة الصالحين المصلحين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
زر الذهاب إلى الأعلى