مقالات

الدكروري يكتب عن الغرائز التي أودعها الله في النفوس

الدكروري يكتب عن الغرائز التي أودعها الله في النفوس

الدكروري يكتب عن الغرائز التي أودعها الله في النفوس
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأثنين الموافق 13 نوفمبر 2023
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما، أما بعد فإنه يقف الإنسان عند آخر هذه الحياة فينظر إليها وكأنها نسج من الخيال، أو ضرب من الأحلام، يقف في آخر سنين عمره وقد ضعف بدنه، ورق عظمه،
فأصبحت آلامه متعددة من ضعف البدن، وثقل السمع، وتهاوت القوى، وتجعد الجلد، وابيضّ الشعر، ويمشي بثلاث بدل اثنين، هكذا يكون حال الإنسان إذا تقدم به العمر، وهذه المرحلة من مراحل السن هي سنة الله في خلقه، ولم يسلم منها حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولذلك فإن من عظمة الإسلام أنه كما اهتم بالإنسان صغيرا ووجه الأسرة والمجتمع إلى رعايته والاهتمام به. 
فإنه كذلك أمر بحسن رعاية واحترام الكبير في الإسلام مهما كان أب أو أم، قريبا أم بعيدا، جارا أم صديقا، أخ أم عم أم خال معروفا أم غريبا، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ليس منا من لم يوقر كبيرنا، ويرحم صغيرنا” رواه أحمد، وإن من الغرائز التي أودعها الله في النفوس حب استجلاء المستقبل والتخوّف من العواقب، ولكي تسير في اتجاهها تلجأ يمينا وشمالا للبحث عما يحقق قبسا من أملها أو راحة من ضمير، ولا يمحو هذا القلق والحيرة من النفوس، إلا يقين يزيل دواعي هذا القلق، ويقضى على مسبباته، والإيمان بالقدر خيره وشره، واليقين بأن ما قدّره الله كائن لا محالة والرضا بما قسم الله عز وجل من أقوى دعائم هذا اليقين، فإن من يسير بغير هدى، أو معرفة لشرع الله الذي شرع لعباده، فإنه كالمسافر في طريق لا يعرف اتجاهه.
وطرق المسالك في العبادة والعقيدة كالطرق الموصلة من مكان لمكان، فالذي يأخذ المعروف منها بعلاماته وإرشاداته، فإنه قد سلك الآمن الموصل، أما غيره من الطرق فإنها تؤدى للضياع والاضطراب النفسي، وتدعو للخوف على النفس من المخاطر العديدة، وعلى المال والممتلكات، فيقول الله عز وجل ” ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذالكم وصاكم به لعلكم تتقون” ويقترن بتلك الأمور كلها الخوف، فهو مصاحب للاضطراب، بل هو المحرك له وهو المؤثر في القلق، كما أنه هو الذي يثير التيهان، ويدعو لعدم الاطمئنان، فالخوف على المصير، والخوف من المستقبل، والخوف من النتائج، والخوف مما يحيط بالإنسان على نفسه وولده وماله، وكل عزيز لديه، لأن أنواع الخوف كثيرة، ودواعيها عديدة القياس لكن منهجها واحد. 
ويقص الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قصة الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفسا، ولما أتى عابدا ليس له من العلم شيء، وذكَر له حاله وسأله هل له من توبة؟ فقال له لا، وأيئسه من إمكانية تعديل سلوكه، فلما عرف أنه لا توبة له، قتل هذا العابد، فكمّل به مائة، ولكن التوبة ظلت تنازعه، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض، فدلّ على رجل عالم فسأله، فقال له ومَن يحول بينك وبين التوبة؟ فتاب فكان من الناجين، فإن الذين تزل أقدامهم بالوقوع في جريمة من المسلمين يناديهم ربهم عز وجل فيقول ” لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا” وبذلك لا يصنف من وقع مرة في جريمة في زمرة المجرمين الذين يشكلون في بعض المجتمعات قطاعا خاصا وطائفة معينة، إن الدين يدعوهم دائما إلى التوبة وإلى العودة إلى الطريق المستقيم، فإن عادوا فرح الله بتوبتهم فرحا شديدا أشد من فرح من ضلت عنه ناقته، وهو في الصحراء، وعليها طعامه وشرابه ثم وجدها، وأحبّهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock