أخبار مصر

الدكروري يكتب عن الإنسان والدنيا الفانية وحب شهواتها

الدكروري يكتب عن الإنسان والدنيا الفانية وحب شهواتها

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الثلاثاء الموافق 7 نوفمبر

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد لقد حرص الإسلام بمبادئه السامية، وتشريعاته الحكيمة على بناء مجتمع متكاتف متراحم، يقوم على التعاون والتآزر، فقال الله تعالى ” وتعاونوا على البر والتقوى” وهذا التكافل الاجتماعي يقصد به إيجاد تعاون عام ينشر الخير بين الناس، ويمتد ليشمل المجتمع كله، وهو ينبعث من شعور المرء بغيره، فيحمله ذلك على الوقوف إلى جانبه، فيتحقق تماسك المجتمع، ويرحم الناس بعضهم بعضا، فيا أهل الإيمان والجود والإحسان إن “التراحم المجتمعي عمل يقتضي بذل الخير والمعروف المعنوي والمادي لمن هو في حاجة إليه، ويحب المرء الخير والفضل لغيره كما يحبه لنفسه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم.

“إن المؤمن من أهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، يألم المؤمن لأهل الإيمان كما يألم الجسد لما في الرأس” فهو تراحم مجتمعي يغلب فيه المرء المصالح العامة على الخاصة، والمنافع الجماعية على الفردية، فيتراحم المجتمع ويتعاون ويشتد بناؤه، ويقوى تماسكه ويترابط أبناؤه حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا” وشبك صلى الله عليه وسلم بين أصابعه” وهل حصل ظلم العباد إلا بسبب تغليب هذه الدنيا الفانية وحب شهواتها المضمحلة؟ وهل ارتكس بعض في جريمة الكذب والغش والخداع والحسد إلا بسبب سيطرة هذا الحطام الفاني؟ فحب الدنيا رأس كل خطيئة، وحب الدنيا فى لذاتها بدون تقيد بأحكام الإسلام رأس كل خطيئة، فعن أبي سعيد رضي الله عنه قال.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن أكثر ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من بركات الأرض” فقيل وما بركات الأرض؟ قال “زهرة الدنيا” فهل بعد كل ذلك ألا نتعقل، وألا نتذكر في حقيقة هذه الدنيا، وأنها دار محفوفة بالمصائب، مليئة بالرزايا، محاطة بالمخاوف والمخاطر؟ فهل من العقل السليم والمنهج القويم، أن نغتر بزخارفها وبهارجها الخداعة عن نيل وطلب الدار الباقية؟ ألست أيها المخلوق إلى فناء محقق؟ ألم تستبصر أن دنياك مثل فيء أظلك ثم أذن للزوال؟ ويقول الله تعالى “وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور” فوالله ما أقبل عليها امرؤ مُعرضا عن أوامر الله تعالى واقعا في نواهيه، وما أقبلت عليها أمة الإسلام مبتعدة عن منهج الدين إلا كانت الندامة عظيمة، والعاقبة والحسرة كبيرة.

فيقول تعالى موهنا أمر الدنيا، ومحقرا لها “اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة” أي إنما حاصل أمرها عند أهلها هذا، ثم ضرب الله تعالى مثل الحياة الدنيا في أنها زهرة فانية، ونعمة زائلة فقال “كمثل غيث” وهو المطر الذي يأتي بعد قنوط الناس، فأعجب الزراع بنبات ذلك المطر، وكذلك تعجب هذه الحياة الدنيا الكفار، فإنهم أحرص شيء عليها، وأميل الناس إليها “ثم يهيج فتراه مصفرا، ثم يكون حطاما” أي يابسا متحطما، فالحياة الدنيا تكون كذلك شابا، ثم كهلا، ثم عجوزا شمطاء، والإنسان يكون كذلك في أول عمره وعنفوان شبابه، غضا طريا لين الأعطاف بهي المنظر، ثم يكبر، فيصير شيخا كبيرا ضعيف القوى قليل الحركة يعجزه الشيء اليسير.

ولما كان هذا المثل دالا على زوال الدنيا وانقضائها وفراغها لا محالة، وأن الآخرة كائنة لا محالة حذر من أمرها ورغب فيما فيها من الخير، والدنيا هي متاع فانى غار لمن ركن إليه، فإنه يغتر بها وتعجبه، حتى يعتقد أنه لا دار سواها، ولا معاد وراءها، وهي حقيرة قليلة بالنسبة إلى دار الآخرة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock