الدكروري يكتب عن عماد هذا الدين القويم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم الأحد 29 اكتوبر ٢٠٢٣ م
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا، فإن المسلم هو من يتخذ المؤمنين أولياء وإخوانه وأعوانه ومن يمقت الذلة والمهانة، ولايأبى إلا العزة والكرامة، فالمسلم هو من يلتزم الصدق ولا ينكر الحق ولو على نفسه ومن لا سلطان للشيطان عليه، فالمسلم هو من يهجر المناهي والملاهي وكل ما لا يرضي العقل، وهو من يحب لأخيه ما يحب لنفسه ويكره له ما يكره لها، وهو من سلم المسلمون من لسانه ويده وحفظ العرض وصان الدم والمال، فاتقوا الله عباد الله.
فاتقوا الله واعلموا أن أقل ما يجب عليكم من الحقوق لإخوانكم أن تكفوا الأذى عنهم فقد جاء في الصحيح من حديث أبي ذر أن رجل سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أعمال من البر، فقال يا رسول الله “أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل؟ قال تكف شرك عن الناس فإنها صدقة عن نفسك” إن الإسلام دين يحمل كل معاني الإنسانية والرحمة والسلام للناس جميعا، والإنسانية هي إحدى خصائصه التي ارتبطت بأحكامه وتشريعاته، وإن توحيد العبادة والتحاكم إلى شريعة الله تعالى هما عماد هذا الدين القويم، فإن بهما يقوم، وعلى دعائمهما يستند، فكما أنه سبحانه وتعالى في السماء إله، يبسط الهيمنة الكاملة على جميع مخلوقاتها، ويدينون له بالطاعة المطلقة، والسيادة الكاملة، فلا يُرد أمره، ولا تنتقض تكاليفهز
ولا يتطرق إلى أفهام عباده السماويين احتمالية أن يشاء الله أمرا ويشاؤون هم أمرا آخر، بل جميعهم طائعون وهم أذلة، يعلمون مكانهم، وقدر عزّة ربهم، ومدى استحقاقه لولائهم، واستماتتهم وتسابقهم في الإصغاء والإرضاء والتزلف، فكما هو كذلك فإنه أيضا في الأرض إله، له من مقومات الألوهية ما يتنزه به عن كل نقص، وما يتصف به من جميع صفات الكمال والجمال والجلال، فهو في السماء إله وفي الأرض إله، فما باله يعصى في الأرض، ولا يعصى في السماء؟ ما باله يوحّد في السماء ولا تشوب توحيده فيها شائبة، بينما يهتز توحيده في الأرض بفعل الشركيات، وتحاكم العباد إلى أنظمة وضعية لا ترقى لأن تشكل مجتمعة حكمة من حكم إحدى تشريعاته التي أخفاها على عباده أو أظهرها؟
فهي سلطة واحدة، سلطة الملك التي يصدر عنها التشريع في الدنيا، ويصدر عنها الجزاء في الآخرة، ولا يصلح أمر الناس إلا حين تتوحد سلطة التشريع وسلطة الجزاء في الدنيا والآخرة على السواء، ولكن أكثر الناس لا يعلمون، والأمر الثاني، وهو التسليم الكامل والشامل لأمر الله تعالى فالحاج قد يفعل في الحج مناسك لا يعلم الحكمة منها، ولا المقصد من ورائها، فهو مثلا يطوف بحجر الكعبة، ويستلم حجرا، وهو الحجر الأسود، ويسعى بين حجرين وهما الصفا والمروة، ويرمي حجرا كبيرا بأحجار صغار وهى رمي الجمرات، كل ذلك قد لا يدري الحاج الحكمة من ورائه، ولكنه يفعله تسليما لأمر الله تعالى الذي أمره بذلك، ولأمر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
زر الذهاب إلى الأعلى