الدكروري يكتب عن العظة والعبرة في القرآن الكريم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي أوضح لنا سبيل الهداية، وأزاح عن بصائرنا ظلمة الغواية، والصلاة والسلام على النبي المصطفى والرسول المجتبى، المبعوث رحمة للعالمين، وقدوة للمالكين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، الذي إذا نظرنا إلي حياته وسيرته صلى الله عليه وسلم نرى حسن أخلاقه حتى مع أعدائه، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي

الله عنها ” أن يهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا السام أي الموت، عليكم، فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها عليكم، ولعنكم الله وغضب الله عليكم، فقال صلى الله عليه وسلم “مهلا يا عائشة عليك بالرفق، وإياك والعنف والفحش، قالت أولم تسمع ما قالوا؟ قال صلى الله عليه وسلم أولم تسمعي ما قلت؟ رددت عليهم فيستجاب لي فيهم، ولا يستجاب لهم في ” رواه البخاري.
بل انظر إلى شفقته صلى الله عليه وسلم مع من آذاه، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال ” كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء ويعني نفسه صلى الله عليه وسلم ، ضربه قومه فأدموه، فهو يمسح الدم عن وجهه ويقول رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون” رواه البخاري، وحينما تعرض له أهل الطائف بالضرب والإيذاء، جاءه ملَك الجبال ليطبق عليهم الجبلين، فرفض النبي صلى الله عليه وسلم وقال “بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا” رواه البخاري، أما بعد فلقد حثنا القرآن الكريم على الاعتبار بقصص الأنبياء وأخبارهم، وما اشتملت عليه من حكم وهدايات، ودروس وعظات، وفي ذلك لفت لأنظارنا بأخذ العظة والعبرة مما ورد في القرآن الكريم.
من قصص الأنبياء والرسل عليهم جميعا الصلاة والسلام، وعن البراء بن عازب قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على القبر، وجلسنا حوله، كأن على رؤوسنا الطير، وهو يلحد له، فقال ” تعوذوا بالله من عذاب القبر ” قلنا نعوذ بالله من عذاب القبر، قال ” تعوذوا بالله من عذاب القبر ” قلنا نعوذ بالله من عذاب القبر، قال ” تعوذوا بالله من عذاب القبر” قلنا نعوذ بالله من عذاب القبر” رواه احمد، فإن من أعظم النعم التي أنعم الله سبحانه وتعالى بها علينا، هى التوبة والرجوع اليه، فهي تكفر الذنوب، وتبدل السيئات حسنات، كما أن باب التوبة مفتوح دائما وللجميع، وهي مقبولة عن كافة الذنوب عدا الشرك، وقد أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم بها لقوله “يا أيها الناس توبوا إلى الله، فإني أتوب في اليومِ إليه مائة مرة” رواه مسلم.
وبها ينتقل الإنسان من ظلمة المعاصي إلى نور الهداية والطاعة بإذن الله تعالى، ولكي يقبل الله تعالى التوبة يجب أن تكون صادقة ونابعة من القلب فيجب أن يكون التائب مسلما كي تقبل توبته، أما الكافر فلا تقبل منه لأن الكفر دليل على عدم صدق التوبة، حيث إن توبته هي الدخول في الإسلام، فقال تعالى ” وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتي إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار، أولئك اعتدنا لهم عذابا أليما” وكذلك الإخلاص لله تعالى ويكون بالخوف منه والتقرب إليه وليس لمخلوق غيره، وبه يُطهّر الله تعالى التائب، ويغفر جميع ذنوبه وايضا معاهدة الله تعالى، وذلك بعدم الرجوع إلى المعاصي والذنوب، وأن يجاهد نفسه على تركها مهما كانت الظروف، وذلك تعظيما لله تعالى وخوفا منه والندم على المعاصي والذنوب التي قد ارتكبها في الماضي، وردّ المظالم إلى أهلها والإكثار من الاستغفار.
زر الذهاب إلى الأعلى