الدكروري يكتب عن الفرار عن مجالس الخصومات
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم الأثنين 30 أكتوبر
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالَمين وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد إن الأخلاق الإسلامية عنوانها الرحمة، فالرحمة من الإنسان لأخيه الإنسان والرحمة من الإنسان للحيوان فلا يجهده أو يحمله فوق طاقته وقصة المرأة التي نص عليها الحديث على أنها عذبت بهرتها مشهورة، فهي لم تطعمها ولا تركتها تأكل من خشخاش الأرض، والرحمة تكون من الإنسان للطبيعة فلا يعبث بثرواتها التي هي خيرات أمده الله بها، ويكفى أن نعلم بأن عدم التفريط بالثروة وصل لدرجة عدم الإسراف بالماء عند الوضوء حتى لو كان المسلم يتوضأ من ماء نهر جاري، والرحمة مطلوبة أيضا من الإنسان لنفسه فلا يطلب منه أن يحمل مالا يطيق.
فالقاعدة تقول ” لا يكلف الله نفسا إلا وسعها” وإن من أسباب الثبات على الدين الحق هو الإعراض والفرار عن مجالس الخصومات والجدل في الدين والنأي عن الفتاتين، ولما ذكر النبى صلى الله عليه وسلم الدجال وعظم فتنته وأنه أعظم فتنة منذ خلق الله آدم وإلى أن تقوم الساعة، قال صلى الله عليه وسلم ” فمن سمع به فلا يأتى، ومن حضره فلينأى عنه” وقال صلى الله عليه وسلم ” يا عباد الله اثبتوا” وإن من أسباب الثبات على الدين هو ما قرره علماء الأئمة المهتدون بهدى الكتاب والسنة من وجوب هجر أهل البدع ومقاطعتهم فإن مجالستهم تمرض القلوب، وإن توقيرهم سعى في هدي الإسلام، وما ذاك إلا لعظم الفتنة منهم وبهم، فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يجالس صاحب بدعة ولا يأخذ دينه عن صاحب بدعة.
فإن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم فإن أهل السنة أخذوا دينهم عن أئمة الهدى وإن أئمة الهدى أخذوا دينهم عن تابعي التابعين وتابعي التابعين أخذوا دينهم عن التابعين والتابعون أخذوا دينهم عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم أخذوا دينهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم أخذ دينه عن جبريل عليه السلام عن الله عز وجل، فتلكم هي السلسلة الذهبية للدين والسند المتين إلى رب العالمين، وإن أهل البدع أخذوا دينهم عن الجهلة الضالين، وعن أهل الأهواء المنحرفين وعن الزنادقة المنافقين وعن المغضوب عليهم والضالين، فالحمد لله الذي هدانا لدينه الحق وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، لقد جاءت رسل ربنا بالحق فاغتبطوا بهذا الدين الحق الذي جاءكم من عند ربكم الرحمن.
نزل به القرآن وعلمكم إياه نبيكم صلى الله عليه وسلم فعلا وتركا وهديا من الوحي والبيان، فافرحوا بهذين الأمرين أعني القرآن وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم والمكلف بالبيان وبإتباعهم فإن ذلك من الفرح المشروع وإن الاغتباط بهما شأن أهل الإيمان والخشوع، فتذوقوا فأيقنوا أنه الدين الحق، فإنه ينتاب الإنسان شعوران وهو يُنبّأ بخبر إسلام شخصية مشهورة، فالأول هو الفرح لها لانتمائها إلى هذا الدين، والثاني الحزن على أنفسنا لأننا فقدنا تذوق كثير من معاني هذا الدين العظيم، إذ إننا نرى أن إسلام كثيرين نبع عن تأثر بشيء بسيط يرتبط بتعاليم هذا الدين العظيم تلقته نفوسهم بشغف بل باندهاش، أما نفوسنا التي نخشى أن يكون قد طال عليها الأمد فنراها لا تأبه بأعظم من هذه المعاني البسيطة التي دفعت من هم فى ذروة الشهرة إلى ترك كل هذه الظلال الزائلة والدخول فى حديقة الإسلام العطرة.
زر الذهاب إلى الأعلى