بائعه الذرة
بقلم :- إيمان رجب اليتانوني
على الرصيف كنت اواصل سيرى ، من خلف خريف الشمس الهادئ وقت العصارى ، هواء محمل بنسيم يملئه عبق الازهار ، اتفقد من حول المحلات والشوارع …
- تمسك ابنتي الصغيره بيدي وهي تراوغ ظلها فرحه تلعب معه ، وما ان يخالط ظل اخر من الماره ، تبتسم عيناها لهم ، وكانهم ملائكه حولها طائفين …
– وبيد الاخرى كان الامل طفل سكن جوفي ، كلما كبرت صغر شعرت بجناحاه لا ترفرف داخلي ، لذلك قررت اصطحابه معنا ، وما ان بدات اقدامنا تخطو على الطريق إنطلق يحلق فرحاً …
– لمحتها تجلس فوق قفص بركنٍٍ على حافة الرصيف بجوار فرن ، امامها سُره محكمه الربط ، جذت عليها باسنانها فنفكت بيديها ، اخذت تفتح كوز تلو الاخر فتفاجئت بعطب يتجزء بعضه ، والبعض الاخر عفن يملؤه من اوله لاخره
– دقائق ومر عليها ولد صغير مع والديه ، طالبها بثلاثة كيزان ، اشعلت نيران غضبها الفرن ، ومجرد ان صعدت ألسنه النيران لاعلا ، لم تتحمل الديدان المعسكره بين سطور الذره وخرجت امامهم تُطرقع وتفرقع ، زبون وراء الثانى يتركها ويرحل ، ووجهها يشطاط احتراق من خلف الدخان ، تلعن ” سنسفيل ” حظها الغائم …
– شعرت باختناق ، فنزعت عن رأسها الطرحه وظلت بإيشارب ، همت من بعده بفتح اولى ازرار عباءتها ، ففتحت معه ابواب غابات صدرها ، ثم نظرت كمزارع اكلت النيران حرص ارضه …
-ايقنت ان الندب على اللبن المسكوب لن ينفع ، فاخرجت كيس النقود بجيبها لتفحص عدد الجنيهات ، مرات ومرات عديده ، يُبئسها العد ، فزمت شفتها بحصره من تحت سبابه يديها ، مع زفير عالي ، خرج سؤال يملئ حلقها بالمراره بما ستطعم افواه اولادها على المائده ؟!! وبماذا ستسد فاه زوجها أذا فتح الجاعوره ليتساءل عن غلة البيع اليوم ؟!! ومن قبله علبه الدخان ، فمنذُ وقوف المعمار بالبلد ، ووقف حال الكل ، من نجار لبنا و سباك و نقاش و غيره ، وحالنا من وقتها بالبيت لا يخلو من زعيق وخناق …
– رمقتها عادت من شرودها ، حاولت ان اساعدها فافرغت ما بحافظتى الصغيره من اوراق ، فهي قديمه ومتهالكه ووضعت بها بعض النقود ، وبالبعض الاخر اشتريت كيس فطير من المخبز ، ووضعته جارها ثم اوقعت الحافظه عن قصد ثوب عينيها ، فراتها وردتها إلىّ ، قالت : ” يكفينا شر الحرام ” ، شكرتها وتيقظت حيله سريعه جالت برأسى طلبت منها شراء ما باقي معها من ذره تالفه للطير ، قبلت ثم التقطت انفاسها والتقطت النقود من يدي على فمها تقبلها بشكرا حامده الله .
زر الذهاب إلى الأعلى