الدكروري يكتب عن هدي رسول الله ما بين الظاهر والباطن
بقلم / محمـــد الدكـــروري
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، الذي كان الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين يرقبون سلوكه وعمله وهديه الظاهر صلى الله عليه وسلم، في حال مخالطتهم وبروزه إليهم صلى الله عليه وسلم ولكنه إذا كان في بيته فإنما
يؤخذ ذلك عمن؟ عن أزواجه صلى الله عليه وسلم وإن الكثيرين من أهل الصلف والكبر والترفع والتعاظم لربما إذا دخل في بيته يكون في حال لا يستطيع أحد أن يرد عليه مقالا، أو أن يتكلم معه، أو أن يحاوره، بل لا يستطيع أحد أن يسأله، وكم سمعنا من النماذج والأمثلة التي يعجب الإنسان كيف يكون الإنسان مع كثرة المخالطة والملابسة، بحيث يصير إلى هذه الحال، مع امرأته، ومع أولاده، لا يستطيع أحد أن يكلمه بشيء، ولا أن يقترح عليه شيئا ولا أن يراجعه في أمر، أو قرار، أو نحو ذلك.
فوضع لنفسه من المهابة والعظمة، حتى صار بهذه المنزلة في بيته، فهذا هل يمكن أن يقدم على أمر كهذا، وهو القيام في مهنة أهله؟ هذا لا يمكن لأنه يترفع عما هو أدنى منه، وهو المراجعة، والمحاورة، فكيف بالعمل في مهنة الأهل؟ فتقول السيدة عائشة رضي الله عنها “كان يكون في مهنة أهله” يعني ذلك في خدمة أهله، بمعنى أنه يرقع ثوبه ويفليه، ولربما قد يغسله، أو يحك ما يحتاج إلى حك، أو نحو ذلك، يخصف نعله، ويصلحها، كل هذه الأمور، ثم قالت “فإذا حضرت الصلاة، خرج إلى الصلاة” بمعنى أن هذه الأمور لا تشغله عما هو أعظم منها، وهو الصلاة، فإذا قال المؤذن الله أكبر، الله أكبر من الزوجة، ومن الأولاد، وأكبر مما في يدك مما تشتغل به، وتذكّر هذه الكلمة فإنها من أعون ما يسعفك ويحملك على المبادرة للخروج إلى المسجد.
لا تبقى في بيتك وأنت تسمع الله أكبر لأن ذلك يدل على أن الله أكبر من كل شيء أنت مشتغل به، من المكالمة، من الاشتغال بجهاز، أو غير ذلك، مما يجلس عليه الإنسان لربما في شبكة المعلومات أو غير هذا، فتضيع عليه الصلوات، وتقام الصلاة، وكثير من الناس قد لا يخرج إلى الصلاة إلا إذا سمع الإقامة، والناس في هذا مراتب منهم من قد يفرح أنه صلى في الوقت، ومنهم من قد يفرح إذا أدرك شيئا مع الإمام ولو التشهد الأخير، ومنهم من يرى أن من الغبطة العظيمة أنه أدرك ركعة ليكون مدركا للجماعة، ومنهم من يُعزّى إذا فاتته تكبيرة الإحرام، ومنهم من يشعر بالخطأ والتقصير إذا أذن المؤذن وهو ليس في المسجد، وقيل أن تميم الداري يقول ” منذ أسلمت ما أذن المؤذن إلا وأنا في المسجد، وما دخل وقت صلاة إلا وقد تهيأت لها”
وسعيد بن المسيب يقول منذ أربعين سنة ما فاتتني تكبيرة الإحرام، منذ خمسين سنة ما نظرت إلى قفا مصلي، ومعناه أنه في الصف الأول، فالناس على درجات ومراتب، وهكذا يكون الناس في الآخرة، ويتفاضلون بحسب أعمالهم، ومقاصدهم، ونياتهم، وصلاح أحوالهم وقلوبهم وأعمالهم، فهذا هو رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي كان يبكي عند سماع القرآن، فقد صحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لابن مسعود “اقرأ عليّ القرآن”، قال كيف أقرؤه عليك وعليك أُنزل؟ قال صلي الله عليه وسلم ” اقرأ فإني أحب أن أسمعه من غيري” فيقرأ ابن مسعود من أول سورة النساء، حتى بلغ قوله تعالي ” فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك علي هولاء شهيدا ” قال صلي الله عليه وسلم ” حسبك الآن” فنظرت فإذا عيناه تذرفان” رواه البخاري.
زر الذهاب إلى الأعلى