الدكروري يكتب عن مفهوم النهضة الحقيقية
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم، أما بعد فإن في مفهوم النهضة الحقيقية هو انتقال الثقافة والتصورات من التخطيط، والبحث، والتحليل، إلى مرحلة التجسيد، وعليه فهي قائمة على حركات بشرية، تبحث لها عمن يخدم حقها من التجسيد، وما يوفر لها لقمة العيش بكرامة في السعي، ومن غير انتهازية أو تجاوز، وهذا ما عبّرت عنه الشعوب المنتفضة في ثورات
الربيع العربي، وكيف أن المنتفضين جهروا بكل ما لديهم لإسقاط أنظمة فاسدة، لم تحقق بعد مطامح هذه الشعوب، وما زالت تصارع وتكابد لأجل غد أفضل، وقيل أنه لا نهضة حقيقية ولا تغيير جذري من غير تفعيل للإسلام كدين يمثل الحضارة بمفهومها الشمولي.
حتى يهنأ بال المسلمين بعد أن بعثرت الأمم المتقدمة المواد الخام لبلادهم، وسخرتها لفائدتها، ولما يخدم اقتصادها ونموها على كل الأصعدة، وكلنا نعلم أن الكفاية الحقيقية لنا كمسلمين هو تمثيلنا للإسلام أحسن تمثيل، بل أتم تمثيل، بدءا بنواحي الإنسانية وانتهاء بتفعيل تعاليم ديننا الحنيف قولا، وعملا حتى يستغني عنا العالم الغربي، ويكف عن استغلال ثرواتنا، وفكرنا، وتضليل قيمنا العريقة، وإن الارتقاء بالإسلام هو حركة تمثل الموجة العاكسة لكل رأي، أو فكرة من شأنها أن تقلل من ريادته كدين رسم للمسلم طريقا من استقامة وطمأنينة وسعادة في الدارين، فهل لنا كمسلمين عيش سعيد بغير الارتقاء بالإسلام اسما، وصورة، ومنهجا، وقناعة؟ وهذا هو المغرور الذي يتواكل على سعة رحمة الله ولا يعمل.
الذي يتواكل على سعة عفو الله وهو في المعاصي ليل نهار، ويقول إن الله غفور رحيم، وما الذي أنساك أن الله شديد العقاب للعاصين والمذنبين والمقصرين؟ إنها الحقيقة الكبرى أيها الأحباب، حقيقة الموت، إنها الحقيقة الكبرى في هذا الوجود، الحقيقة التي خضع في محرابها المتكبرون والمتجبرون، إنها الحقيقة الكبرى التي تسربل بها العصاة والطائعون والرسل والأنبياء والمقربون والأصفياء، وإنها الحقيقة الكبرى التي ترن في أذن كل سامع وعقل كل مفكر قائلة إنه لا بقاء إلا لله وحده، ولا ألوهية إلا لله وحده، ولا حاكمية إلا لمن تفرد بالبقاء والجلال، فسبحانه وتعالي يقول ” كل شيء هالك إلا وجهه” فإنها حقيقة الموت التي قال الله تبارك وتعالى عنها في سورة ق.
” وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد” فالحق أنك تموت والله حي لا يموت “وجاءت سكرة الموت بالحق” والحق أن ترى عند موتك ملائكة الرحمة أو ترى ملائكة العذاب “وجاءت سكرة الموت بالحق” والحق أن تكون حفرتك روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران “وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد” ذلك ما كنت منه تهرب، ذلك ما كنت منه تفر، ذلك ما كنت منه تحيد إلى الطبيب إذا جاءك المرض، وتحيد إلى الطعام إذا أحسست بالجوع خوفا من الموت، وتحيد إلى الشراب إذا أحسست بالظمأ خوفا من الموت.
زر الذهاب إلى الأعلى