الحمد لله رب العالمين الملك الحق المبين ونصلي ونسلم ونبارك علي خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، الذي تعاون صلي الله عليه وسلم مع اصحابه الكرام في بناء المسجد، فعندما هاجر الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قام بوضع حجر الأساس لمسجده وكان صلى الله عليه وسلم يبني معهم وينقل معهم الصخر على أكتافه الشريفة، ويحمل التراب، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل جنبا إلى جنب مع الصحابة ويشاركهم في نقل الحجارة والإنشاد وفي الوقت الذي كان الصحابة يحملون فيه الحجارة لبنة لبنة كان عمار بن ياسر رضي الله عنه يحمل لبنتين في كل مرة، فرآه النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم وهو على هذه الحال فجعل ينفض التراب عن رأسه.
ويقول صلى الله عليه وسلم ” يا عمار، ألا تحمل لبنة لبنة كما يحمل أصحابك ؟” فرد عليه قائلا إني أريد الأجر عند الله، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه وقال ” ويح عمار، تقتله الفئة الباغية ” رواه البخاري، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابي من اليمامة، فأعجب بمهارته في خلط الطين وتجهيزه فقال صلى الله عليه وسلم ” قدموا اليمامي من الطين فإنه من أحسنكم له مسّا ” رواه ابن حبان و البيهقي، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، أما بعد نحن نعيش في هذا العصر انفتاحا عالميا، وثورة معلوماتية، وتقنيات حديثة لها آثار خطيرة على شبابنا وفتياتنا الذين هم عماد الأمة وسبيل نهضتها وهم زينة حاضرها وأمل مستقبلها، ولذا وجّه الأعداء لهم سهامهم ورموهم بها.
وحاولوا تضليلهم وإغراءهم عن طريق وسائل الإعلام المختلفة وأخطرها وأكثرها ضررا الإنترنت الذي يبثون من خلاله ما يشاءون، ويشوهون صورة الخير وأهل الخير، ويدسون السم بالدسم، ولقد أصبح الإنترنت شرا مستطيرا وبلاء خطيرا ووسيلة لهدم الدين والأخلاق والقيم, ولقد ضيّع أوقات كثير من الشباب والفتيات ونقلهم إلى عالم افتراضي يدعو إلى الفوضى والانحلال، والبعض لا يدركون عواقب الأمور ومصيرها ولذا فمعظم المستخدمين له من فئة الشباب والفتيات، يرون أن في الإنترنت وسيلة للهرب من المشاكل اليومية، وأصبحت إغراءات الألعاب الإلكترونية وتصفح الإنترنت لأبناء هذا الجيل لا تقاوم، وقد تصل بالفعل إلى حد الإدمان، وقد ثبت من خلال دراسات كثيرة أن خطر الإنترنت أشد على بعض الفئات من خطر الحروب والكوارث.
لأن العدو في الحروب واضح ظاهر يقاوم بكل وسيلة متاحة، أما خطر الإنترنت فيكمن في كون العدو خفيّا غير معروف، ولذا يصل إلى مبتغاه دون مقاومة تذكر، ولقد تحولت شبكة الإنترنت إلى ساحة فيها معركة شرسة تستهدف أجيال الغد في نشر الإباحية وإفساد العقيدة, ولقد أفسدت بعض المواقع في هذه الشبكة في وقت قصير ما لم تفسده بعض القنوات الفضائية في سنوات، فإن أعداءنا يحاربوننا ويحاولون تغيير الثوابت والعقيدة الصحيحة عند أبناء المسلمين، ولقد كان الطفل المسلم ينشأ في المجتمع الأول وسط مجموعة تدين لله تعالى بالاستقامة، فيرى قدوات أكثر من الكلام، ولكن الآن الطفل لو حصل على شيء منا سيحصل على توجيهات وكلام، لكن القدوة قليلة، ولذلك لا ينشأ أولادنا في استقامة كبيرة، ولا ينشئون في نفسيات إسلامية ونشأة صحيحة بسبب أن الوسط الذي هم فيه مثل البيئة في البيت وفي المدرسة وفي الشارع لا تساعد على الاستقامة.