الدكروري يكتب عن الإيمان أساس الأمن
بقلم / محمـــد الدكـــروري
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، الذي حضر صلى الله عليه وسلم جنازة ابنته زينب، وجلس على القبر وتذرف عيناه من هول المنظر، وتذكر العاقبة والتفكير في ذلك المصير، وأصحابه يشاهدون هذا المشهد

المؤثر المعبّر منه صلى الله عليه وسلم، ويخبر صلى الله عليه وسلم بفضل البكاء من خشية الله، فيذكر السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ” ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه” وصحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ” عينان لا تمسّهما النار أبدا عين بكت وجلا من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله” فالبكاء السنّي الشرعي ما كان من خوف الله عز وجل، وتذكر القدوم عليه والوقوف بين يديه والتفكير في آياته الشرعية والكونية، والبكاء من الوفاء.
ومن أفضل أعمال الأولياء، خاصة إذا كان ندما من معصية وعند فوت طاعة، ووجلا من عذاب، ورحمة لمصاب، ورقة عند موعظة، وخشية عند تفكّر ولا يحمد البكاء على الدنيا، فهي أقل وأرخص من يُبكى عليها، فليست أهلا لذلك، فاللهم صلي وسلم وبارك عليك يا سيدي يا رسول الله أما بعد فإن الإيمان هو أساس الأمن واشتقاقه اللغوي مشتق من الأمن الذي هو ضد الخوف والإيمان أمن وطمأنينة واستسلام وانقياد, لأن المؤمن يدفعه إيمانه القوي إلى فعل المأمورات ويردعه عن المنهيات وكلما عظم العبد إيمانا عظم حظه من الأمن، فإذا انتفى الخوف حصل الأمن والسعادة، فالأمن لزيم الإيمان وقرينه، والسلامة لزيمة الإسلام وقرينته، فمن أراد الأمن والسلامة فعليه بالإيمان والإسلام، ولهذا يربي الإيمان أهله ليحصل به سعادتهم.
فإذا وجد الإيمان بين أهله حصلت لهم السعادة الدائمة، وكما أن التوحيد والعبادة أمن في الدنيا والآخرة، فلا أمن إلا بإقامة العبادة الخالية من شوائب الشرك، فلا يُدعى غير الله، ولا يُستغاث إلا بالله، ومن أهم وسائل تحقيق الأمن في المجتمع، هو نشر الوعي بين الناس وتفقيههم في الدين فإن العلم والخير إذا انتشر بين الناس تحقق فيهم الأمن وهذا مطلب يلزم الدعاة والخطباء والمعلمين ولا ينشأ في المجتمع ما يخلل أمنه إلا بسبب نقصان العلم أو فساده، ومما يجب علينا حفظه، أن نحفظ عقول المسلمين مما يفسدها ويضر بها، سواء كانت مفسدات مادية أو مفسدات معنوية، كالتصورات الفاسدة والأفكار المنحرفة، وإن المحافظة على عقول الناس من أهم أسباب حفظ الأمن لأن الناس لو استقامت عقولهم.
صاروا يفكرون فيما ينفعهم ويبتعدون عما يضرهم، فلو استقامت عقول الناس لاستقامت حياتهم لأنهم سوف يبحثون عما يرضي الله فيفعلونه، ويتعرفون على ما يغضب الله فيبتعدون عنه، إذن هناك علاقة كبيرة بين المحافظة على عقول الناس وبين استقرار الأمن عندهم لأن مما يذهب بأمن الناس انتشار المفاهيم الخاطئة حيال نصوص القرآن والسنة، وعدم فهمهما بفهم السلف الصالح، فهذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يخشع عند سماع القرآن، فقد صح أنه قام ليلة يستمع لأبي موسى الأشعري وهو يقرأ القرآن ثم قال له في الصباح ” لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك، لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود” فيقول أبو موسى لو كنت أعلم أنك تستمع لي لحبّرته لك تحبيرا، أي جوّدته وحسنته وجمّلته، وقال عبدالله بن الشخير، دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي وبصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء، وهو القدر إذا استجمع غليانا.
زر الذهاب إلى الأعلى