الدكروري يكتب عن إلا يثار وا الالتزام الا خلاقي
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم، فيا أيها المسلمون ألا ما أحوج البشرية إلى هذه المعاني الإسلامية السامية وما أشد افتقار الناس إلى التخلق بالرحمة التي تضمد جراح المنكوبين، وتحث على القيام بحقوق الوالدين والأقربين، والتي تواسي المستضعفين، وتحنو على اليتامى والعاجزين
، وتحافظ على حقوق الآخرين، وتحجز صاحبها عن دماء المعصومين من المسلمين وغير المسلمين، وتصون أموالهم من الدمار والهلاك، وتحث على فعل الخيرات ومجانبة المحرمات، فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا مَن في الأرض، يرحمكم من في السماء” رواه أبو داود.
وقال الطيبي أتى بصيغة العموم ليشمل جميع أصناف الخلق، فيرحم البر والفاجر، والناطق، والبُهم، والوحوش والطير، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا يدخل الجنة منكم إلا رحيم ” قالوا يا رسول الله، كلنا رحيم، قال ” ليس رحمة أحدكم نفسه وأهل بيته، حتى يرحم الناس” وعن عمرو بن حبيب قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” خاب عبد وخسر، لم يجعل الله تعالى في قلبه رحمة للبشر” فينبغي عليك أيها المسلم أن من تقابله من المؤمنين ادعه إلى مملكة قلبك، واسقه من كأس المودة والأخوة، ثم اجعله يدخل تحت لواء هذه الكلمة، وتذكر دائما وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ” تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف ” وذلك خير الإسلام” رواه البخاري.
وأنت تطوف بين الناس وتقابل شخصيات مختلفة وتتعرف إلى فئات عريضة من المجتمع تشعر أنك تزيل أشواك التنافر والتباغض من طريقهم، وتطفئ نار الحقد من قلوبهم وتدعوهم كي يعتصموا بحبل الله المتين، وليمضوا بخطوات ثابتة نحو غايتهم العظيمة وهي الجنة، فينبغي علينا القدرة على امتلاك المعارف والمعلومات عن أنظمة الوطن ولوائحه، وعن مؤسسات المجتمع المدني والأمني، وكذلك القدرة على مناقشة الفكر والآراء بشكل علمي سليم، من أجل تزويد الفرد بالكثير من المفاهيم والاتجاهات الإيجابية، وكذلك احترام عادات وتقاليد الوطن وتقدير مؤسساته واحترام أنظمته والمحافظة على ثرواته، فقد قيل لأعرابي كيف تصنعون في البادية إذا اشتد القيظ أى الحر، حين ينتعل كل شيء ظله؟
قال “يمشي أحدنا ميلا، فيرفض عرقا، ثم ينصب عصاه، ويلقي عليها كساه، ويجلس في فيه يكتال الريح، فكأنه في إيوان كسرى” أي حب هذا وهو يلاقي ما يلاقي، وكأنه يقول أنا في وطني بهذه الحالة ملك مثل كسرى في إيوانه، وإن المواطنة الحقة قيم ومبادئ وإحساس ونصيحة وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وعزة وموالاة وتضحية وإيثار والتزام أخلاقي للفرد والأمة، وإنها شعور بالشوق إلى الوطن حتى وإن كان لا يعيش الفرد في مرابعه، كما قال أمير الشعراء احمد شوقي، وطني لو شغلت بالخلد عنه، نازعتني إليه بالخلد نفسي، فأين هؤلاء الذين يدّعون حب الوطن والوطنية ولا ترى في أعمالهم وسلوكياتهم وكلامهم غير الخيانة والعبث بمقدراته، والعمالة لأعدائه، وتأجيج الفتن والصراعات بين أبنائه.
ونشر الرذيلة ومحاربة الفضيلة، فأين الوفاء للأرض التي عاشوا فيها وأكلوا من خيراتها، وترعرعوا في رباها، واستظلوا تحت سماها، وكانت أرض الإيمان والتوحيد والعقيدة الصافية.
زر الذهاب إلى الأعلى