الدكروري يكتب عن
مراعات عمر ابن الخطاب للفقراء
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين الملك الحق المبين، ونصلي ونسلم ونبارك علي سيد الأولين والآخرين، محمد صلي الله عليه وسلم، روي عن أسلم مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، إن عمر بن الخطاب رضي الله طاف ليلة، فإذا هو بامرأة في جوف دار لها وحولها صبيان يبكون، وإذا قدر على النار قد ملأتها ماء، فدنا عمر بن
الخطاب من الباب، فقال يا أمة الله، لماذا بكاء هؤلاء الصبيان؟ فقالت بكاؤهم من الجوع، قال فما هذه القدر التي على النار؟ فقالت قد جعلت فيها ماء أُعللهم بها حتى يناموا، أُوهمهم أن فيها شيئا من دقيق وسمن، فجلس عمر فبكى، ثم جاء إلى دار الصدقة، فأخذ غرارة أي كيسا كبيرا وجعل فيها شيئا من دقيق وسمن وشحم، وتمر وثياب ودراهم.
حتى ملأ الغرارة، ثم قال عمر يا أسلم، احمل علي، وفقلت يا أمير المؤمنين، أنا أحمله عنك، فقال عمر لي لا أم لك يا أسلم، أنا أحمله لأني أنا المسؤول عنهم في الآخرة، قال فحمله على عنقه، حتى أتى به منزل المرأة، قال وأخذ القدر، فجعل فيها شيئًا من دقيق، وشيئًا من شحم وتمر، وجعل يحركه بيده، وينفخ تحت القدر، قال أسلم وكانت لحيته عظيمة، فرأيت الدخان يخرج من خلل لحيته، حتى طبخ لهم، ثم جعل يغرف بيده ويطعمهم حتى شبعوا، ثم خرج وربض أي جلس بحذائهم أي عند أقدامهم كأنه سبع، وخفت منه أن أُكلمه، فلم يزل كذلك حتى لعبوا وضحكوا، ثم قال يا أسلم، أتدري لم ربضت بحذائهم؟ قلت لا، يا أمير المؤمنين، قال رأيتهم يبكون، فكرِهت أن أذهب وأدعهم حتى أراهم يضحكون.
فلما ضحكوا طابت نفسي، وهكذا فإن الخير هو اسم شامل لكل ما ينتفع به المرء عاجلا أو آجلا، والخير نسبي منه ما يقابل الشر، ومنه ما يقابل خيرا آخر لكونه أفضل منه ويعتبر العمل الخيري في الإسلام من أهم الأعمال شأنه شأن باقي الأمور التي يقوم بها المسلم، لأنه عمل يتقرب به المسلم إلى الله وهو جزء من العبادة، وقد أكثر الله سبحانه وتعالى، من الدعوة إلى الخير، وجعله أحد عناصر الفلاح والفوز، وكما أمر سبحانه وتعالى بالدعوة إلى فعل الخيرات إضافة إلى فعله، ونجد كذلك في القرآن الكريم ربطا بين الصلاة وإطعام المساكين، وروى ابن ماجة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” إن هذا الخير خزائن، ولهذه الخزائن مفاتيح، فطوبى لعبد جعله الله مفتاحاً للخير، مغلاقا للشر.
وويل لعبد جعله الله مفتاحا للشر مغلاقا للخير” وإن الله تعالى يوازن بين مباهج الدنيا ومفاتنها، وبين المثل العليا والاتصاف بالمكارم، ويبين أن الفضائل أبقى أثرا، وأعظم ذخرا، وأجدر باهتمام الإنسان، وخير له في الدنيا والآخرة، وإن فعل الخير عنوان للإيمان الصحيح والعقيدة السليمة، والفطرة السليمة تهتدي إلى الخير وتشعر به، لأن الإنسان مفطور على البر والخير، وأيضا فعل الخير هو الزاد الحقيقي الذي ينفع الإنسان في يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم، ولقد جلس النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم مع أصحابه فسألهم سؤالا دون سابق إخبار فقال لهم “من أصبح منكم اليوم صائما؟ قال أبو بكر الصديق أنا، قال “فمن تبِع منكم اليوم جنازة؟ فقال أبو بكر الصديق أنا.
قال “فمن أطعم منكم اليوم مسكينا؟ قال أبو بكر الصديق أنا، قال “فمن عاد منكم اليوم مريضا؟ قال أبو بكر أنا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما اجتمعن في رجل إلا دخل الجنة” رواه مسلم، والملاحظ أن أبا بكر رضي الله عنه وأرضاه لم يكن مستعدا لذلك السؤال، ولكنه كان معتادا أن يبادر أيامه الخوالي بالاستكثار من الباقيات الصالحات.
زر الذهاب إلى الأعلى