الدكروري يكتب عن مقاييس التزاوج بين الناس
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، أما بعد فيا أيها الناس إن الأولاد إما أن يكونوا نعمة على والديهم أو نقمة، ولذلك أسباب أهمها التربية، كما أن الوالد قد يكون سببا لسعادة
الولد أو شقاوته، فقال الله تعالى كما جاء في سورة الكهف ” وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك ” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه” فليكن ذلك منكم على بال، فيا أيها الآباء اعلموا إن الولد الصالح ينفع والده حيا وميتا حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
“إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية، أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له” فيا أيها الآباء إنكم تحرصون أشد الحرص على ذهاب أولادكم للمدارس بدافع الطمع الدنيوي، ولا ترضون بتخلفهم عنها يوما واحدا فما بالكم لا تهتمون بحضورهم في المساجد وهو خير وأبقى؟ فإن حضورهم في المساجد يفيدهم آدابا حسنة وأخلاقا فاضلة ومحبة للخير وبعدا عن الشر، فحضورهم في المساجد ينشئهم على الطاعة ومخالطة الصالحين وفيه مصالح كثيرة فلم لا تهتمون به، فلماذا تتركون أولادكم في أوقات الصلوات يجوبون الشوارع أو يختفون في البيوت ولا يقيمون للصلاة وزنا، وهل كانت المدرسة أهم عندكم من المسجد؟ وهل كانت الدراسة أعظم من الصلاة؟ وهل الدنيا أحب إليكم من الآخرة؟
فاتقوا الله أيها المؤمنون لعلكم تعلمون، وإن هناك مقاييس كثيرة هي التي يتزوج الناس على أساسها في زماننا هذا فيختارون الغنية، ويبحثون عن عائلة كبيرة عريقة يتزوجون منها، ويشترطونها ابنة ذي سلطان ومنصب، ويفضلونها موظفة ذات دخل شهري، وحبذا لو كانت لطيفة جذابة منمقة الحديث خفيفة الظل، وفوق هذا كله أن تكون جميلة ملفتة للأنظار أخاذة للألباب، إلى غيرها من صفات كثيرة تطلب في الزوجة في هذا الزمان، ولو كانت هذه المقاييس في مجتمع بوذي أو يهودي أو مشرك لما تعجبنا فإن من ضل عن ربه وخالقه ليس بعجيب أن يضل في أمر دنياه، ولكن العجب كله والغرابة كلها أن تكون مقاييس اختيار الزوجة هذه سائدة ورائجة، في مجتمعاتنا الإسلامية التي تمتلك بين يديها القرآن والسنة
فكيف كيف وديننا قد جعل لنا الأسس والضوابط في اختيار الزوجة، وأخبرنا أن من اختار على غير أساسها خاسر ضال سيعود بالندم، فعن عبد الله بن عمرو، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم”لا تزوجوا النساء لحسنهن، فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن، فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين، ولأمة خرماء سوداء ذات دين أفضل” رواه ابن ماجه، وإن قلت لي هذا الحديث ضعيف أجبتك ألا تدري أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على من تزوج امرأة لغير دينها، والحديث هذه المرة في الصحيحين وهو مشهور محفوظ، يرويه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين، تربت يداك” متفق عليه.
أي إن لم تفعل، أما سألت نفسك يوما ما معنى “تربت يداك” في هذا الحديث وغيره فلندع ابن حجر العسقلاني يجيبك فيقول “قوله تربت يداك أي افتقرت فامتلأت ترابا، وقيل المراد ضعف عقلك بجهلك بهذا، وقيل افتقرت من العلم” والمعنى تزوج ذات الدين واختر ذات الدين فإن لم تفعل فتربت يداك، وإن لم يقصد النبي صلى الله عليه وسلم نفس الدعاء لأنها كلمة دارجة على ألسنة العرب، فقد قصد النبي صلى الله عليه وسلم الحث والحض الشديدين على تزوج ذات الدين.
زر الذهاب إلى الأعلى