الدكروري يكتب عن المجتمع وعقيدة التوحيد
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا، إنه نبي الله محمد صلي الله عليه وسلم، فيا معاشر المسلمين إن التجول
في سيرة النبي المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم يطول ولا ينتهي، وإن النظر في السيرة النبوية الشريفة يزيد الإيمان، ويقربك للرحمن، يشرح صدرك، يزيل همك، يؤانس وحشتك فاجعل من وقتك شيئا لدراسة سيرته صلي الله عليه وسلم، والنظر في جميل حياته، فإن رسولنا محمد صلي الله عليه وسلم مدرسة للصبر، فيا من سار في طريق الدعوة إلى الله، البس ثياب الصبر.
فاللهم ارزقنا اتباع الرسول صلي الله عليه وسلم، على المنهج السوي، واللهم اجعلنا ممن ينال شفاعته يوم القيامة، واللهم ارزقنا شربة من حوضه الشريف يا رب العالمين، واللهم كن للمسلمين أتباع نبيك فوق كل أرض، وتحت كل سماء، أما بعد فإن الشريعة الإسلامية، هي التي يجب أن تكون المسيطرة على كل تطور في نظام المجتمع الإسلامي، وما دام المجتمع يؤمن بعقيدة التوحيد، ولا يرضى غيرها، بل جعلها نبراس حياته العامة والخاصة، واتسم بها سلوك الفرد والجماعة فإن عقيدة التوحيد هذه بكل إشعاعاتها، تسيطر سيطرة تامة على كل جوانب النظام الاجتماعي الإسلامي، وتحدد مقوماته وخصائصه وآدابه ومعاملاته وحقوقه وواجباته، والعلاقات والارتباطات في هذا النظام بكل صوره وأشكاله.
ومن هذا كله، يتضح لنا الدور الاجتماعي الذي كان يقوم به المسجد باعتباره جزءا من الدور التربوي الذي يمارسه عموم المجتمع الإسلامي، كما يتضح أن هذا الدور، وهو الدور الاجتماعي سار جنبا إلى جنب، وباتزان بديع مع الأدوار التربوية الأخرى، التي كان يقوم بها المسجد في المجتمع الإسلامي، كما أن للمسجد تأثير بالغ وشامل في حياة الشباب، ويمكن أن يقدم لهم ما عجزت عن تقديمه الأجهزة والمؤسسات الأخرى، كالمنزل والمدرسة ووسائل الإعلام، وبالرغم من أن المسجد منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وحتى اليوم مفتوح في وجه جميع المسلمين من مختلف الأعمار فإن له دورا شديد الخصوصية في حياة الشباب ففي أجوائه الربانية تربى الصحابي الجليل أسامة بن زيد رضي الله عنه.
الذي قاد جيشا فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره من كبار الصحابة، وعمره وقتها سبعة عشر سنة، وغيره من شباب المسلمين، وفى المسجد كان شباب الصحابة يقومون الليل ويتدارسون القرآن ويصلون، وفى النهار يصبحون فرسانا وجنودا في خدمة الدين، وكان المسجد في الماضي منبرا، لمناقشة بعض المشكلات والقضايا الخاصة بالشباب، وخاصة مشكلات الفراغ، وكيفية اغتنامه بكافة الوسائل المشروعة جدية وترويحا، فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على من اتخذوا اللعب المباح داخل المسجد سلوكهم التلقائي، وإن منابر المساجد ورحباتها المشرقة، نورت عقولا مؤمنة، ومحت بؤر شرك دامسة، خرجت دعاة مخلصين، وخطباء مفوهين، يأخذون بأزمة القلوب فصاحة ولسنا، ويمتلكون الألباب بلاغة وجزالة كلمات وروعة أسلوب، وبراءة استهلال، وحسن استشهاد.
زر الذهاب إلى الأعلى