الدكروري يكتب عن أوامر الله التي أنزلها في كتابه
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم، سيد العادلين والمتقين، هو محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، هو الذي ينتهي نسبه إلى نبي الله إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، هو رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، هو نبي الرحمة، أما بعد فإن هذا الدين الإسلامي الحنيف هو مجموعة أوامر الله التي أنزلها في كتابه، وأمر بها جميع عباده، فلا يعرف الفصل بين العقيدة والعبادة والشريعة، إنما هي الزحزحة التي زاولتها أجهزة مدربة قرونا طويلة، حتى انتهت مسألة الحكم.
بغير ما أنزل الله إلى هذه الصورة الباهتة، وانفصلت أوامر الساحة والسوق عن أوامر المسجد، وظل الدين محبوسا في النفس وداخل المسجد، وحكم الطاغوت في بلاد المسلمين بغير ما أنزل الله، وتركهم يصلون صلاة لا روح فيها، لا تذكر بالله، ولا تزجر عن منكر، وهذا بلاء عظيم، وشر مستطير، ألا وهو قيام الحياة على غير التوحيد، وإن الذين يحكمون على عابد الوثن بالشرك، ولا يحكمون على المتحاكم إلى الطاغوت بالشرك، ويتحرجون من هذه، ولا يتحرجون من تلك، إن هؤلاء لا يقرؤون القرآن كما أنزل، ولا يفقهون نصوصه، ولا يدركون كلياته، فليقرؤوا القرآن فهو مملوء بتقرير ذلك كما قال سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة الأنعام ” وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون”
وقال سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة التوبة ” اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه وتعالى عما يشركون” وإن الخالق المالك الرازق هو الله وحده لا شريك له، وهو الحقيق بأن تكون له الربوبية والألوهية والعبودية بلا جدال، وأن يفرد سبحانه بتحكيم شرعه فيما خلق، وفيما رزق، وفيما أعطى، وفي كل شؤون الحياة، فالله وحده هو الذي له الحكم، إذا حرم الشيء فهو حرام، وإذا أحله فهو حلال، وإذا أمر فيجب أن يطاع أمره، وإذا نهى فيجب الكف عما نهى عنه، وهو سبحانه وحده المشرع للناس، كما أنه وحده المشرع للكون فقال تعالى كما جاء فى سورة الحج ” فألهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين، الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمى الصلاة ومما رزقناهم ينفقون”
وإن كفر مزاولة التشريع بالتحليل والتحريم ككفر الاعتقاد وإشراك أحد مع الله في العبادة كلاهما شرك، هذا شرك في العبادة، وذاك شرك في التشريع، وكلاهما من وحي الشيطان لا من وحي الرحمن، فكل من شرع للناس ما لم يأذن به الله من الشرك والبدع، وتحليل ما حرم الله، وتحريم ما أحل الله ونحو ذلك فهو مشرك، ومن أطاعه واتبعه فهو مشرك، فقال تعالى كما جاء فى سورة الكهف” فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربة أحدا ” وقد أقام الله سبحانه الخلق بين الأمر والنهي، والعطاء والمنع، فافترقوا فرقتين، فرقة قابلت أمره بالترك، ونهيه بالارتكاب، وعطاءه بالغفلة عن الشكر، ومنعه بالسخط، وهؤلاء أعداؤه، وفرقة قالوا إنما نحن عبيدك إن أمرتنا سارعنا إلى الإجابة.
وإن نهيتنا كففنا عما نهيتنا عنه، وإن أعطيتنا حمدناك وشكرناك، وإن منعتنا تضرعنا إليك وذكرناك، فليس بين هؤلاء وبين الجنة إلا ستر الحياة، فإذا ماتوا صاروا إلى النعيم المقيم، كما أنه ليس بين أولئك وبين النار إلا ستر الحياة، فإذا مزقه الموت صاروا إلى الحسرة والعذاب الأليم، فلينظر الإنسان مع أي الفريقين هو؟ وإلى أي الدارين يسير؟ فقال الله عز وجل كما جاء فى سورة السجدة” أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون، أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون، وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذى كنتم به تكذبون” فسبحان العليم الذي أحاط علمه بكل شيء، ووسعت رحمته كل شيء فقال تعالى كما جاء فى سورة الزخرف ” وهو الذى فى السماء إله وفى الأرض إله وهو الحكيم العليم”