مقالات

الدكروري يكتب عن توسع الحنفية في الإستحسان

الدكروري يكتب عن توسع الحنفية في الإستحسان

الدكروري يكتب عن توسع الحنفية في الإستحسان
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن مدرسة الفقه الحنفي، وعن صاحب المذهب الحنفي أبي حنيفة النعمان، وقيل أنه توسع الحنفية في الاستحسان فأورثوا ثروة فقهية كبيرة، وقد أجاب فقهاء المذهب الحنفي بأن أبا حنيفة ما كان يرد صحاح الأحاديث ولا حسانها كما يقال بل كان يتشدد في قبول الحديث أو خبر الواحد، عذره في ذلك أنه في
الكوفة وكانت مهد الفتن والتحزب السياسي وانشقاق الفرق والبعض يتساهل ويدلس في الرواية وربما افتعلها انتصارا لأهوائه والكوفة بعيدة عن الحجاز مهبط الوحي ومركز السنة فاحتاط الإمام في قبول الحديث والعمل به احتياطا لشرع الله، وقد اعتمد المذهب الحنفي على الأسس والمعطيات التالية، وهى القرآن الكريم. 
فالقرآن الكريم عند الإمام أبي حنيفة هو المصدر الأول والأعلى في مسائل الفقه، لأنه الكتاب القطعي الثبوت، لا يُشك في حرف منه، وأنه ليس يوازيه ولا يصل إلى رتبته في الثبوت إلا الحديث المتواتر، لذلك لا يرى نسخ القرآن الكريم بخبر الآحاد من السنة، وإنما يعمل بها ما أمكن، وإلا ترك السنة الظنية للكتاب القطعي، وأيضا السنة النبوية، حيث لا يجعل الإمام أبو حنيفة السنة النبوية في رتبة واحدة، بل يُقدم مثلا السنة القولية على الفعلية، لجواز أن يكون الفعل خصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم، ويقدم السنة المتواترة على خبر الآحاد عند التعارض وعدم إمكان الجمع بينهما، بل إنه يترك العمل بخبر الآحاد إذا خالف قاعدة شرعية مأخوذة من نص القرآن أو السنة.
وكذلك الإجماع، فما أجمع عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وما اختلفوا فيه لا يخرج عن أقوالهم إلى أقوال غيرهم، والإجماع هو اتفاق الأئمة المجتهدين في عصر من العصور بعد انتقال الرسول صلى الله عليه وسلم عن الدنيا على حكم شرعي، والإجماع عند الإمام أبي حنيفة حجة معمول به، وكذلك قول الصحابي، والقياس، وهو إلحاق فرع بأصل فيه نص بحكم معين من الوجوب أو الحرمة، لوجود علة الحكم في الفرع كما هي في الأصل، والإمام أبو حنيفة يقدم السنة ولو كان حديثا مرسلا على القياس، كما يقدم الحديث الضعيف على القياس، وأيضا الاستحسان، وهو طلب الأحسن للاتباع الذي هو مأمور به، وقد بان أن الاستحسان عند الإمام أبي حنيفة ليس اتباعا للهوى ولا حكما بالغرض.
ولكنه اختيار أقوى الدليلين في حادثة معينة، وأيضا العرف والعادة، وهو ما استقر في النفوس من جهة العقول، وتلقته الطباع السليمة بالقبول، والأصل في اعتبار العرف دليلا شرعيا قول ابن مسعود “ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن” ويكون العرف دليلا حيث لا دليل شرعي من الكتاب والسنة، أما إذا خالف العرف الكتاب والسنة كتعارف بعض التجار التعامل بالربا، فهو عرف مردود لأنه محاد للشريعة ومخالف لها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock