الدكروري يكتب عن أبي بكر رفيق الرحلة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد أيد الله رسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم بالمعجزات الباهرات، والآيات البينات، لتدل على نبوته ورسالته، منها ما حصل لسراقة بن مالك حينما أراد أن يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم فساخت قوائم الفرس في الأرض ونجا الله تعالي نبيه من أذى قريش بعد أن رصدت جائزة لمن يأتي برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان

الصحابي الجليل رفيق الرحلة أبي بكر الصديق يقدم روحه فداء لرسول الله صلي الله عليه وسلم، ولكن هل كان أبى بكر الصديق رضي الله عنه خائفا من الموت على أيدي المشركين؟ والواقع أن حياة الصديق رضي الله عنه كلها منذ أسلم وإلى أن مات تثبت بما لا يدع مجالا للشك أنه كان مُضحيا بنفسه في كل المواقف، وليس متعلقا بالدنيا بأي صورة من الصور.
إنما كان القلق الذي أصابه راجعا إلى خوفه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان هذا الحال عند خروج الصاحبين من مكة، بأن أبا بكر رضي الله عنه كان يسير مرة أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم ومرة خلفه، يريد بذلك أن يتلقى السهام أو الرماح التي يمكن أن يرمى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليست هذه حالة رجل خائف، إنما ما رأيناه في الغار من أبي بكر صلى الله عليه وسلم كان حُزنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويؤكد ذلك ما قاله الله تعالى في وصفه لهذا الموقف في القرآن الكريم حيث قال تعالى فى سورة التوبة ” إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثانى اثنين إذ هما فى الغار إذ يقول لصاحبة لا تحزن إن الله معنا، فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هى العليا والله عزيز حكيم”
فالله تعالى المطلع على قلب الصديق رضي الله عنه وصف حالته النفسية بالحزن، وليس بالخوف، فقال “لا تحزن” ولم يقل لا تخف وهذا هو الذي يتلاءم مع ما نعرفه عن الصديق رضي الله عنه وشدة بأسه، وقد يدعم ذلك ما نقله السهيلي رحمه الله ولكن بلا سند من أن الصديق رضي الله عنه قال وهو في الغار مبررا قلقه، بقوله رضى الله عنه “إن قتلت فإنما أنا رجل واحد، وإن قتلت أنت هلكت الأمة” فعندها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا تحزن إن الله معنا” ولما خرج رسول الله صلي الله عليه وسل مهاجرا من مكة إلى المدينة، كما روي عنه فقد وقف علي الحزورة وهو سوق، ونظر إلى البيت وقال صلى الله عليه وسلم ” والله إنك لأحب أرض الله إلي وإنك لأحب أرض الله إلى الله ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت منك ” رواه الترمذي والنسائي.
ورغم فساد أهلها وظلمهم له ومحاربتهم لدعوته، ولكن الرسول صلي الله عليه وسلم يعطينا درسا في الانتماء فيقول في رواية أخري صلى الله عليه وسلم ” ما أطيبك من بلد وأحبك إلي ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك ” قاله لمكة، رواه الترمذي، وهذا يشير إلى مدي حب رسول الله صلي الله عليه وسلم لبلده مكة المكرمة موطن ولادته ونشأته وفيها البيت الحرام ولأنها منزل الوحي ولأن بها الأهل والأقربين ولأن بها مآثر نبى الله إبراهيم عليه السلام والرسول صلي الله عليه وسلم، كان حين يذكر أحد الصحابة مكة أمامه تذرف عيناه بالدمع ويقول له صلى الله عليه وسلم ” دع القلوب تقر “.
زر الذهاب إلى الأعلى