د. محمد حجازي يكتب اقتصاد المستقبل والبيئة الجاذبة للاستثمار في مصر
في إطار تطلع الدولة المصرية نحو جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في القطاعات ذات الأولوية وفي المشروعات المستقبلية التي تخلق فرص عمل وتعتمد علي نقل التكنولوجيا الحديثة ، يبرز مفهومين متلازمين ، الاول : اقتصاد المستقبل . والثاني : البيئة الجاذبة للاستثمار والتنمية
في هذا المقال سنعرض لهذين المفهومين وما يتصل بهما . وفي نفس السياق سنجيب علي تساؤل منطقي هو : هل مصر سوق ناشئة ؟
بداية نقول إن الدولة المصرية سعت حثيثا لاستكمال المسيرة التنموية بتهيئة البيئة الجاذبة للاستثمار الخاص المحلي والأجنبي . حيث قامت الدولة المصرية بوضع الحوافز وتفعيل بعض الأمور الموجودة في قانون الاستثمار والتي لم تكن مفعلة مسبقًا مثل الرخصة الذهبية وأخرى المتعلقة بتوطين الصناعات خاصة الصناعات الخضراء . وهنا برز مصطلح الاقتصاد الأخضر والتنمية الخضراء خاصة مع تعرض دول العالم لظاهرة التغير المناخي .
والجدير بالذكر أن مصر تحركت صوب إنجاز أجندة إصلاحية طموحة بهدف دعم اقتصادها وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتحفيز النمو المستدام . حتى أصبحت مصر المحطة الأولى أفريقياً لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر ، حيث احتلت مصر مركز الصدارة على صعيد القارة الأفريقية كأكبر دولة مستقبلة لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال عام ٢٠١٩ .والثانية بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا .
تعتبر مصر الخيار الأمثل للوصول إلى الأسواق العالمية في أوروبا والشرق الأوسط بالإضافة إلى إفريقيا والهند، فمصر هي الأقرب للأسواق الأوروبية وأسواق أمريكا الشمالية علي عكس الدول الرئيسة المصدرة الأخرى مثل الهند والصين والفلبين بالإضافة إلى موقعها المتميز في طرق الخدمات اللوجستية الدولية من خلال المنطقة الاقتصادية لقناة السويس .
تتميز مصر بوجود قناة السويس والتي تعتبر اقصر رابط بين الشرق والغرب نظرا لموقعها الجغرافي المتميز، حيث يعبر بها كل عام ما يقرب من ١٠% من سفن الشحن البحري في العالم، كما يعبر منها نحو ٢٠% من تجارة الحاويات العملاقة . ايضا توفر قناة السويس الكثير من المسافة والوقت وتكاليف الشحن للسفن التي تعبر خلالها من الشرق إلى الغرب أو العكس، يعتبر النقل البحري أرخص وسيله للنقل بما يزيد عن ٨٠ % من حجم التجارة العالمية التي يتم نقلها عبر الممرات المائية (قانون التجارة المائية ) .
ماذا يقصد بالبيئة الاستثمارية؟ ————————————— تتضمن عناصر البيئة الاستثمارية جميع التطورات المؤثرة في أدوات الاستثمار، والبدائل المتاحة في السوق، والأسعار ومستويات المخاطر، وهيكل السوق الذي يتيح شراء الاستثمارات وبيعها، والإطار التنظيمي والتشريعي الذي يعزز بيئة مواتية للاستثمار، ومدى توافر القوانين والتشريعات المؤثرة في قرارات الاستثمار والتجارة والتصنيع داخل الدولة
إن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تمثل اسرع طريق لتحقيق التنمية الاقتصادية في مصر وذلك لما تتميز به من إمكانيات وعوامل جذب ولاسيما للاستثمارات التي تغادر حاليا الأسواق الناشئة .
تهدف المنطقة الاقتصادية إلى أن تكون واحدة من المراكز اللوجستية الرئيسية في المنطقة، بدعم من العديد من مشروعات البنية التحتية الضخمة، وخاصة المشروعات اللوجستية، مثل مضاعفة مسارات قناة السويس لتقليل وقت المرور وتكلفة التشغيل وجذب المزيد من السفن والبضائع.
مفهوم الأسواق الناشئة : ——————————- الأسواق هى أسواق قائمة فى الدول النامية التى شهدت طفرة من النمو والتطور فى الحجم بعدما كانت تعانى من حالة ركود، وتمتلك قدرات تؤهلها لمواصلة النمو والتطور ورفع درجة كفاءتها وفعالية أدائها الاقتصادى لتتحول إلى مركز جذب لرؤوس الأموال الملحية والدولية من خلال العوائد المرتفعة التى حققتها.
تاريخيا ، مصر كانت ثاني أكبر سوق ناشئة في عام ٢٠٠٩ م بعد الهند .وفي نفس العام وصلت مصر لأعلي معدل نمو اقتصادي
أن قائمة الأسواق الناشئة فى العالم تضم مجموعة من الدول التى حققت قفزات اقتصادية نوعية فى الأعوام الأخيرة، وتطمح فى المستقبل إلى منافسة الدول المتقدمة اقتصادياً، وأهم هذه الأسواق الناشئة بحسب تصنيف المؤسسة الدولية للتصنيف : دول أمريكا اللاتينية : الأرجنتين، البرازيل، تشيلى، كولومبيا، المكسيك، البيرو، فنزويلا .
في شرق آسيا : الصين، وكوريا الجنوبية، والفلبين، وتايوان
في جنوب آسيا : الهند، إندونيسيا، ماليزيا، باكستان، سيريلانكا، تركيا .
وفى إفريقيا : جنوب إفريقيا، نيجيريا، زيمبابوى .
وفى منطقة الشرق الأوسط : الأردن، وإسرائيل.
والجدير بالذكر أن الأسواق الناشئة تعرضت لأزمة اقتصادية وأزمة مالية خلال عام ٢٠١٨ ، وما زالت تعاني حتي الآن .
الشاهد أنه مع بداية أزمة الأسواق الناشئة في الأرجنتين والبرازيل وكوريا الجنوبية عام ٢٠١٨ م ، حدث تحول اقتصادي في مجال الاستثمارات الأجنبية المباشرة : التحول الاول : ظهور تكتل ( البريكس ) الذي يضم كل من الهند والصين وروسيا والبرازيل وجنوب أفريقيا ، والذي يستأثر وحده بنحو ربع التجارة العالمية . مما دفع كل من مصر والسعودية وتركيا الي السعي الحثيث للانضمام الي هذا التكتل
التحول الثاني : خروج الاستثمارات من الأسواق الناشئة الي السودان سعيا الي تعظيم العائد من الاستثمار في السودان حيث ضخت السعودية نحو ٧٠ مليار دولار في استثمارات متنوعة في السودان كما ضخت دولة الإمارات نحو ١٠٠ مليار دولار . بالإضافة إلي مئات المليارات التي ضختها كل من روسيا وامريكا واسرائيل وغيرها
إن استمرار التوتر والصراع الجيو سياسية في السودان ، قد يقود الي خروج هذه الاستثمارات الي منطقة أكثر أمانا واستقرارا ، وهي مصر
ونحن علي يقين أن مصر ستكون سوق ناشئة تجتذب رؤوس الأموال العربية والأجنبية علي السواء بالشكل الذي يؤدي الي زيادة معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي وزيادة معدل نمو متوسط دخل الفرد وتحسن مستوي معيشة أفراد المجتمع .