الدكروري يكتب عن صاحب كتاب الجامع للسنن
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر الكثير والكثير عن الإمام الترمذى وهو محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك، وإن من مؤلفات الإمام الترمذي هو كتاب الجامع للسنن، وكتاب العلل الصغرى، وهو من ضمن كتاب الجامع، فهو
مدخل له وجزء منه، وبيان لمنهجه، وقد نهل العلماء والفقهاء من جامعه هذا، وذاعت شهرته به، وقد قال الترمذي عنه “صنفت هذا المسند الصحيح وعرضته على علماء الحجاز فرضوا به، وعرضته على علماء العراق فرضوا به، وعرضته على علماء خراسان فرضوا به، ومن كان في بيته هذا الكتاب فكأنما في بيته نبيّ ينطق، ويعد كتاب السنن للإمام الترمذي من أهم كتب الحديث التي اعتنت بجمع أحاديث الأحكام كما فعل أبو داود، لكنه بيّن الحديث الصحيح من الحسن.
وقد عني بجمع أحاديث الأحكام كما فعل أبو داود، إلا أنه بيّن الحديث الصحيح من الضعيف، وذكر مذاهب الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار، ويقول الشوكاني مثنيا على سنن الترمذي “كتاب الترمذي أحسن الكتب وأكثرها فائدة، وأحكمها ترتيبا، وأقلها تكرارا، وفيه ما ليس في غيره من المذاهب ووجوه الاستدلال، والإشارة إلى ما في الباب من الأحاديث، وتبيين أنواع الحديث من الصحة والحسن والغرابة والضعف، وفيه جرح وتعديل، ومن أحسن شروحه المطبوعة الكاملة ، كتاب”عارضة الأحوذي للقاضي أبي بكر بن العربي” وكتاب “تحفة الأحوذي للحافظ المباركفوري” وكتاب “معالم السنن للإمام الخطابي، وقد تميز جامع الترمذي بأنه وضع فيه مصنفه قواعد التحديث.
وكانت في غاية الدقة، وقد جعلها تحت عنوان كتاب العلل، بحيث أدرجت ضمن أبواب الجامع، وقد ذكر الترمذي في أول كتاب الجامع أن الذي حمله على تسطير هذا المنهج في الجامع من العناية بأقوال الفقهاء وقواعد التحديث وعلله، أنه رأى الحاجة إلى ذلك شديدة، ولأجل هذا الهدف أراد أن يسلك مسلك المتقدمين، وذلك بأن يزيد ما لم يسبقه إليه غيره ابتغاء ثواب الله عز وجل، ومن مزايا الجامع وخصائصه الفريدة التي امتاز بها، أنه يحكم على درجة الحديث بالصحة والحسن والغرابة والضعف على حسب حالة الحديث؛ فيقول بعد إيراد الحديث حسن صحيح، أو حسن صحيح غريب ، وقد يقول هذا حديث حسن غريب من حديث فلان وهذا يعني أن الغرابة في الإسناد، وإن كان للحديث روايات أخرى ليست غريبة.
فإذا لم ترد طرق أخرى يقول غريب لا نعرفه من غير هذا الوجه، وإذا كان في الحديث علة بيّنها، فنراه يقول هذا الحديث مرسل لأن فلانا تابعي، فهو لم يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو أن فلانا لم يروِ عن فلان، إذ لم يثبت له لقيّا معه، ولقد قال أبو يعلى الخليل بن عبد الله، في كتابه علوم الحديث “محمد بن عيسى بن سورة بن شداد الحافظ متفق عليه، له كتاب في السنن، وكتاب في الجرح والتعديل، روى عنه أبو محبوب والأَجلاء، وهو مشهور بالأمانة والإمامة والعلم، وقال ابن الأثير كان الترمذي إماما حافظا، له تصانيف حسنة، منها الجامع الكبير، وهو أحسن الكتب” وقال الإمام الذهبي “الحافظ العالم، صاحب الجامع، ثقة، مجمع عليه”.
زر الذهاب إلى الأعلى