الدكروري يكتب عن دعوة بن المنكدر المستجابة
ذكرت المصادر التاريخية وكتب الفقه الإسلامي الكثير عن أئمة الإسلام والمسلمين ومن بينهم الإمام محمد بن المنكدر التيمي المدني، والذي روي أنه كان يقترض ويحج فكلم في ذلك فقال أرجو وفاءها، كما قال سفيان تعبد ابن المنكدر وهو غلام وكانوا أهل بيت عبادة، وقال يحيى بن بكير أن محمد وأبو بكر وعمر لا يدرى أيهم أفضل ؟ وقال ابن المنكدر إني لأدخل في الليل فيهولني فأصبح حين أصبح وما قضيت منه أربي، وقال إبراهيم بن سعد رأيت ابن المنكدر يصلي في مقدم المسجد فإذا انصرف مشى قليلا ثم استقبل القبلة ومد يديه ودعا ثم ينحرف عن القبلة ويشهر يديه ويدعو، يفعل ذلك حين يخرج فعل المودع، وكان ابن المنكدر يجلس مع أصحابه فكان يصيبه صمات فكان يقوم كما هو حتى يضع خده على قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم يرجع فعوتب في ذلك فقال إنه يصيبني خطر فإذا وجدت ذلك استعنت بقبر النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يأتي موضعا من المسجد يتمرغ فيه ويضطجع، فقيل له في ذلك فقال إني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع، ويروى أنه حج فوهب كل ما معه حتى بقي في إزاز، فلما نزل بالروحاء قال وكيله ما بقي معنا درهم فرفع صوته بالتلبية، فلبى أصحابه ولبى الناس وبالماء محمد بن هشام، فقال إني أظن محمد بن المنكدر بالماء فنظروا، فقالوا نعم قال ما أظن معه شيئا احملوا إليه أربعة آلاف، فأتي محمد بها، وقال المنكدر بن محمد كان أبي يحج بولده فقيل له لم تحج بهؤلاء ؟ قال أعرضهم لله، وقال ابن المنكدر بات أخي عمر يصلي وبت أغمز قدم أمي وما أحب أن ليلتي بليلته.
وقال ابن عيينة تبع ابن المنكدر جنازة سفيه، فعوتب فقال والله إني لأستحيي من الله أن أرى رحمته عجزت عن أحد، وقال ابن زيد خرج ناس غزاة في الصائفة، فيهم محمد بن المنكدر فبيناهم يسيرون في الساقة قال رجل منهم أشتهي جبنا رطبا قال محمد فاستطعمه الله فإنه قادر فدعا القوم، فلم يسيروا إلا شيئا حتى وجدوا مكتلا، فإذا هو جبن رطب فقال بعضهم لو كان لهذا عسل، فقال الذي أطعمكموه قادر على ذلك فدعوا فساروا قليلا فوجدوا فاقرة عسل على الطريق فنزلوا فأكلوا الجبن والعسل، وقيل استودع محمد بن المنكدر وديعة فاحتاج فأنفقها فجاء صاحبها فطلبها فتوضأ وصلى ودعا فقال يا ساد الهواء بالسماء ويا كابس الأرض على الماء ويا واحد قبل كل أحد وبعد كل أحد أدي عني أمانتي.
فسمع قائلا يقول خذ هذه فأدي بها عن أمانتك واقصر في الخطبة فإنك لن تراني، رواها ابن أبي الدنيا عن سويد وقيل كانت مائة دينار، قال فإذا بصرة في نعله فأداها إلى صاحبها، وقال الواقدي فأصحابنا يتحدثون أن الذي وضعها عامر بن عبد الله بن الزبير وكان كثيرا ما يفعل مثل هذا، والإمام محمد بن المنكدر حدث عنه عمرو بن دينار والزهري وهشام بن عروة وأبو حازم الأعرج وموسى بن عقبة، ومحمد بن واسع ويحيى بن سعيد الأنصاري ومحمد بن سوقة وعبيدالله بن عمر وابن جريج، ومعمر ومالك وجعفر الصادق وشعبة والسفيانان، وروح بن القاسم وشعيب بن أبي حمزة والأوزاعي وعبدالعزيز بن الماجشون وعمرو بن الحارث وأبو حنيفة وابن أبي ذئب والمُنكدر ابنه، وورقاء بن عمر وأبو عوانة.
والوليد بن أبي ثور ويوسف بن يعقوب بن الماجشون، وابنه الآخر يوسف بن محمد، ويوسف بن إسحاق السبيعي، وخلق كثير، ولابن المنكدر نحو مائتي حديث، ووثقه ابن معين وأبو حاتم، وقال الحميدي هو حافظ، وقال عمر بن محمد بن المنكدر بينما أنا جالس مع أبي في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مر بنا رجل يحدث الناس ويفتيهم ويقضي، قال فدعاه أبي، فقال له يا أبا فلان إن المتكلم يخاف مقت الله عز وجل وإن المستمع يرجو رحمة الله عز وجل، وقال ابن المنكدر ليأتين على الناس زمان لا يخلص فيه إلا من دعا كدعاء الغريق، وقال الفقيه يدخل بين الله وبين عباده فلينظر كيف يدخل، وقال بشر بن المغفل جلست إلى محمد بن المنكدر فلما أراد أن يقوم قال أتأذن.
قلت هذا هو أدب المجالسة ينتهي بالاستئذان، وعن عبد الرحمن بن زيد قال أتى صفوان بن سليم محمد بن المنكدر وهو في الموت فقال يا أبا عبد الله، كأني أراك قد شق عليك الموت؟ فما زال يهون عليه الأمر ويتجلى عن محمد حتى لكأن وجهه المصابيح، ثم قال له محمد لو ترى ما ألاقيه لقرت عينك، ثم قضى رحمه الله وكانت وفاته سنة مائة وثلاثين من الهجرة.
زر الذهاب إلى الأعلى