الدكروري يكتب عن خلافة يزيد بن عبد الملك
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية كما جاء في كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير عن خلافة يزيد بن عبد الملك بن مروان الأموي القرشي، وقد تولي الخلافة بعد أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، وقد ورد عنه أن يزيد بن
عبد الملك قد تخلى عن السير على نهج أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، لأنه شهد له أربعون شيخا بأن ليس على الملوك حساب ولا عذاب، فهذا إدعاء أوهى من أن يُرد عليه، فهو يتضمن في طياته الرد على مختلقه، فمن هم الشيوخ الذين شهدوا بذلك الزور؟ ثم إنه يتعلق بأمر من ضروريات الإيمان وبديهياته، فأي مسلم مهما بلغ به الجهل مبلغه، يعلم أنه يُسأل عن أعماله، ويجازى عليها، والحديث الصحيح ” كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته”
وهو مشهور عند عامة المسلمين فضلاً عن خاصتهم، في هذه العصور المتأخرة، فكيف بعصر صدر الإسلام؟ والخليفه يزيد بن عبد الملك بن مروان، هو الذى ذكره ابن كثير فقال فلما ولي يزيد عزم على أن يتأسى بأمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، فما تركه قرناء السوء، وحسنوا له الظلم، وقد صورت كتب التاريخ يزيد بن عبد الملك بصورة الخليفة اللاهي عن مصالح دولته لاهثا خلف جارية، ولما ماتت رفض أن يدفنها وظل مقيما بجوارها حتى جيفت ولما دفنوها عاد ينبشها من جديد، وفي أسانيد هذه الروايات غير واحد من المجهولين، وقصة يزيد مع جاريته في الأصل بسيطة كما يبدو، فهما جاريتان جميلتان ظريفتان مغنيتان اشتراهما يزيد بعد استخلافه، فملكتا عليه قلبه.
خصوصا حُبابة التي كَلف بحبها، واشتد طربه لغنائها، فحظيت عنده، فلما ماتت حزن لموتها، وجزع عليه، ولم يطل العمر به بعدها حيث مات بعدها بأيام معدودة بالطاعون أو كان مرض السُل، وقد أغمض كثير من المؤرخين القول بموته مطعونا أو مسلولا، وجعلوه كمدا وأسفا على فقد حُبابة، مع أنه من غير المستبعد موته بسبب الطاعون أو السل، بل هو الأولى، فكثيرا ما انتشر وباء الطاعون وغيره من الأوبئة في حواضر الشام كدمشق، فكان ذلك من الأسباب التي دعت الخلفاء الأمويين إلى بناء القصور في بوادي الشام، وإن قصة يزيد مع جاريته جاءت في المرويات التي تناولتها مهولة مشوهة، اعتراها كثير من المبالغة والاضطراب والتناقض والزيادة، بل والاختلاق فمنها ما يشير إلى تلك القصة باتزان.
ومنها ما شابهه بما لا يقبل ولا يعقل، ومنها ما ظهرت فيه الإساءة والطعن بتحريف أو زيادة أو اختلاق، فجاءت تلك المرويات تحمل العجب والمنكر، وذلك إما لهوى في نفس راويه، وإما لغرض يقصده ناقلها، أو نقلها مسندة فحمل المسئولية من رواها.
زر الذهاب إلى الأعلى