الدكروري يكتب عن المفتي الحافظ الناقد أبو بكر أحمد
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير عن الإمام الخطيب البغدادي وهو الإمام الأوحد العلامة المفتي الحافظ الناقد محدث الوقت أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت المعروف بالخطيب البغدادي، صاحب التصانيف وخاتمة الحفاظ، وكان من كبار الشافعية وتفقه على
أبي الحسن بن المحاملي والقاضي أبي الطيب الطبري، وأشتهر الخطيب البغدادي بكثرة مروياته وسعة علمه، فروى عنه كثيرون، بعضهم كان من شيوخه، مثل أحمد بن محمد البرقاني، وأبو القاسم الأزهري، وكذلك روى عنه بعض زملائه وأقرانه ومنهم أبو إسحاق الشيرازي، والحافظ ابن ماكولا، وأبو عبد الله الحميدي الأندلسي، وقال أبو الغنائم النرسي عنه هو جبل لا يسأل عن مثله، ما رأينا مثله، وما سألته عن شيء فأجاب في الحال.
إلا يرجع إلى كتابه، وله مصنفات كثيرة تبلغ ستة وخمسين مصنفا، ومن أشهر مؤلفاته هي كتابه تاريخ بغداد الذي جمع فيه ترجمة العلماء الذين عاشوا فيها حتى أواسط القرن الخامس الهجري، حيث قام العديد من الكتاب بعده باقتفاء أثره وتأليف كتب مشابهة لهذا الكتاب ككتاب تاريخ دمشق لابن عساكر وبغية الطلب في تاريخ حلب لابن العديم، وقد ألف الخطيب البغدادي في علوم الحديث ومن أشهر كتبه في المصطلح كتابان، هما كتاب في قوانين الرواية، وهو كتاب الكفاية في علم الرواية، وهو من أنفع الكتب على الإطلاق لأنه جاء بالمصطلح غضا طريا، و كتاب الجامع لآداب الشيخ والسامع، وولد أحمد بن علي بن ثابت في قرية هنيقيا يوم الخميس الموافق الرابع والعشرين من شهر جمادى الآخرة.
سنة ثلاثمائة واثنين وتسعين من الهجرة، وهنيقيا قرب المدائن، ونشأ في درزيجان، وهي قرية تقع جنوب غرب بغداد، كان أبوه خطيب وإمام درزيجان لمدة عشرين عاما، وأهتم أبوه به اهتماما كبيرا فكان شديد الحرص على إرساله لمن يعلمه القرآن والآداب المختلفة وعندما انتهى من تعلم مبادئ العلم في قريته، صار يتردد على حلقات العلم في بغداد والتي كانت في ذلك الوقت منار العلم ومركزه في العالم الإسلامي، وألتزم حلقة أبي الحسن بن رزقوية، وكان محدثا عظيما، وله حلقة في جامع المدينة ببغداد، وتردد على حلقة أبي بكر البرقاني، وكان مبرزا في علم الحديث، فسمع منه وأجازه، وأتصل بالفقيه الشافعي الكبير أبي حامد الإسفراييني، وتتلمذ على يديه، وبعد أن انتهى الخطيب البغدادي من التعلم في بغداد.
انتقل للبصرة وهو في العشرين من عمره والتقى بعلمائها الكبار وأخذ عنهم، ثم عاد إلى بغداد في السنة نفسها، وفي تلك الأثناء كان اسمه قد بدأ في الانتشار والشيوع، ثم عاود الرحلة بعد مضي ثلاث سنوات على رحلته الأولى، واتجه إلى نيسابور بمشورة شيخه أبي بكر البرقاني عام ربعمائة وخمسة عشر من الهجرة، وفي طريقه إليها مر بمدن كثيرة كانت من مراكز الثقافة وحواضر العلم، فنزل بها وأخذ عن شيوخها، حتى إذا استقر بنيسابور بدأ في الاتصال بعلمائها وشيوخها، فأخذ عن أبي حازم عمر بن أحمد العبدوي، وأبي سعيد بن محمد بن موسى بن الفضل بن ساذان، وأبي بكر أحمد بن الحسن الحرشي، وصاعد بن محمد الاستوائي وغيرهم، ثم عاد إلى بغداد.
زر الذهاب إلى الأعلى