ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن بلاد ما بين النهرين وهي الأراضي الواقعة بين نهري دجلة والفرات، واللذان ينبعان من جبال أرمينيا في تركيا الحديثة وتغذيهما روافد عديدة، وتغطي صحراء قاحلة معظم رقعة بلاد الرافدين،
وتكثر في شمالها المستنقعات والمسطحات الطينية، يتوحد في أقصى جنوبها نهرا دجلة والفرات، وهما صابين بعد ذلك في الخليج العربي،
وعادة ما تتبع الطرق البرية في المنطقة نهر الفرات بسبب صعوبة وانحدار المناطق المحيطة بنهر دجلة، كما تفتقر أرض المنطقة إلى المعادن ومصادر الخشب والحاجرة المناسبة للبناء إلا أن تجارة
المزروعات كانت تستخدم لشراء هذه المواد، ويسمح معدل الأمطار في الشمال بالزراعة اعتمادا عليها.
أما جنوبا فتستخدم المياه الجوفية والسيول الناتجة عن ذوبان القمم المتجمدة من جبال زاغروس ومن المرتفعات الأرمينية، واللذان هما مصدر نهري دجلة والفرات،
وقد اعتاد قاطنوا المنطقة منذ القدم على بناء وصيانة القنوات المائية لاستخدامها في الزراعة، مما أدى إلى ازدهار المنطقة وساعد في تطوير المستوطنات الحضرية والنظم السياسية،
أما رعاة الأغنام والماعز والجمال، فقد كانوا يتنقلون بيت ضفاف الأنهار في أشهر الصيف الجافة وبين المناطق الموسمية على حافة الصحراء في مواسم الشتاء،
حيث يزداد معدل هطول الأمطار، وكما وجدت منذ العصور القديمة جماعات سكانية اعتمدت على الصيد بشكل أساسي في منطقة الأهوار جنوب البلاد.
وقد أدت الزيادة السكانية الناتجة عن ازدهار المنطقة إلى عدد من المشكلات بسبب عدم قدرة البيئة على تأمين ما يكفي من الموارد،
وترتبت على ذلك فترة من عدم الاستقرار السياسي، انهارت على إثرها الحكومة المركزية وانخفض عدد سكان المنطقة،
بسبب ذلك الضعف أضحت البلاد عرضة للغزو من قبل الرعاة الرحل وقبائل التلال مما أداى إلى انهيار التجارة وإهمال أنظمة الري، ثم نشأت نزاعات على السلطة انتهت بوحدات إقليمية قبلية، ولا يزال النسيج المجتمعي القبلي مستمرا بسبب ذلك حتى اليوم في العراق،
وأما عن الإمبراطورية البابلية الحديثة فهي امبراطورية اسسها نبوبولاصر الكلدي واستمر حكمها، وتحرروا في البداية من حكم الآشوريين بعد ان سيطر نبوبولاصر، على اقليم بابل.
الذي كان تابعا لحكم الآشوريين فتمكن في البداية من اعلان الاستقلال عن حكم الآشوريين وثم سيطر على كامل اقليم بابل والمناطق الجنوبية من بابل وتمكن من توحيد القبائل الكلدية،
الا ان الآشوريين استمروا بمضايقة الكلدان وكانوا ينوون الإطاحة بنبوبولاسر, الا ان الملوك الآشوريين الذين خلفوا آشوربانيبال كانوا ضعفاء،
بينما تمكن نبوبولاسر من توحيد القبائل الكلدية فلم يتمكن الاشوريين من اسقاط حكم الكلديين هذه المرة كما فعلوا في عدة مرات سابقة،
فتمكن نبوبولاسرو بالتعاون مع الميديين من اسقاط مدينة نينوى عاصمة الآشوريين، واسس امبراطورية كبيرة.