الدكروري يكتب عن غزوة سفوان في الإسلام
بقلم / محمـــد الدكـــروري
جعل الله عز وجل الجهاد علي المسلمين فرضا عليهم حتى يُهزم الكفر في أنحاء الأرض وتعلو راية التوحيد في كل مكان، فقال الله تعالى “وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله، فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين” ولقد خرج الرسول صلى الله عليه وسلم،
لطلب كرز بن جابر الفهري، وقد أغار على سرح وهو رعي المدينة، من غنم ومواشى، وكان يرعى بجبل ناحية العقيق، بينه وبين المدينة ثلاثة أميال، فطلبه الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن كرزا أسلم فيما بعد وحسن إسلامه وولاه النبي صلى الله عليه وسلم سرية للجيش بعثها في أثر رجلين قتلا راعيا مسلما بعد تعذيبه، وبالفعل جيء بهما ونفذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما الحد، ونزلت آية قرآنية في جزاء من يحاربون الله ورسوله.
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة، واستخلف عليها زيد بن حارثة، وذلك لطلب كرز بن جابر الذي أغار على رعي المسلمين بالمدينة، وزيد بن حارثة هو صحابي وقائد عسكري مسلم، وكان مولى للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم، قد تبناه قبل بعثته، وهو أول الموالي إسلاما، وهو من السابقين الأولين للإسلام، وهو الوحيد من بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، الذي ذكر اسمه في القرآن الكريم، وقد شهد زيد العديد من غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، وكما بعثه النبى صلى الله عليه وسلم، قائدا على عدد من السرايا، واستشهد زيد في غزوة مؤتة وهو قائد جيش المسلمين أمام جيش من البيزنطيين والغساسنة يفوق المسلمين عددا.
وولد زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب، قبل الهجرة النبوية بسبعة وأربعين سنة، وقيل بثلاثة وأربعين سنة في ديار قومه بني كلب أحد بطون قضاعة، أما أمه فهي سُعدى بنت ثعلبة بن عبد عامر بن أفلت من بني معن من طيئ، وقد تعرض زيد للأسر وهو غلام صغير حيث اختطفته خيل بني القين بن جسر قبل الإسلام، حين أغارت على ديار بني معن أهل أمه وكان معها في زيارة لأهلها، فباعوه في سوق عكاظ، فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بنت خويلد بأربعمائة درهم، فلما تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، وهبته له، ثم مر زمن، وحج أناس من قبيلته كلب، فرأوه فعرفهم وعرفوه، ثم عادوا وأخبروا أباه بمكانه، فخرج أبوه حارثة وعمه كعب يفتدونه، والتقوا النبي صلى الله عليه وسلم.
وطلبوا فدائه، فدعاهما إلى تخيير زيد نفسه إن شاء بقي، وإن شاء عاد مع أهله دون مقابل، ثم دعاه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال له ” فأنا من قد علمت ورأيت صحبتي لك فاخترني أو اخترهما ” فقال زيد ” ما أنا بالذي أختار عليك أحدا، أنت مني بمكان الأب والأم ” فتعجب أبوه وعمه وقالا له ” ويحك يا زيد أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك وأهل بيتك؟ فقال لهم ” نعم ” إني قد رأيت من هذا الرجل شيئا ما أنا بالذي اختار عليه أحدا أبدا ” فلما رأي النبي صلى الله عليه وسلم، منه ذلك، خرج به إلى الحِجر، وقال ” يا من حضر اشهدوا أن زيدا ابني أرثه ويرثني ” فلما رأى ذلك أبوه وعمه اطمأنا وانصرفا، فصار زيد يُدعي زيد بن محمد.
زر الذهاب إلى الأعلى