” شيرين العدوى ” تكتب : إستراتيجية الخوف فى الخطاب الدينى
فى فترة ليست بالقليلة هيمنت الكنيسة على الدول. كان ذلك فى مرحلة الطفولة الحضارية؛ ولكى تتخلص المجتمعات من هذه السطوة التى أغرقتها فى عصور الظلام، فصلت الدين عن الدولة، وارتفعت بالعلم. فقد كانت الكنيسة سببا فى فقد عدد لا بأس به من العلماء الذين أعملوا العقل، وخالفوا نظرياتها، كإعدام الكنيسة الكاثوليكية عالم الفلك جاليليو جاليلى عام 1633م لقوله بمركزية الشمس ودوران الكواكب حولها.
قررت كثير من الدول التى وقعت ضحية لهذا الفكر التحرر من الكنيسة والانطلاق نحو العلم. فلما وصلوا لما يريدون بدأوا مخططا جديدا؛ ألا وهو: تصدير الفكر الظلامى للعرب الذين يملكون ثروات العالم لإغراقهم فى غياهب الجب. وقد درست القوى المسيطرة على العالم تفوق العرب بعد الإسلام. ووقفوا حائرين أمام هذا الدين الذى دمج بين العلم والتوازن النفسى فى علاقته مع الله؛ إذ من شروط الإيمان أن يتفكر الإنسان ويأخذ بالأسباب؛ حتى إن هذا الدين دعا إلى التفكر فى خلق السموات والأرض، وخلق الأنفس، والبحث والتعلم، وإعلاء العلم وتعليه على التدين.
هنا جاءت الخطة التى سيستخدمها المتآمرون ضد كل الشعوب وهى (الفزاعة)، جماعات منغلقة فكريا تسيطر على فئة من الناس وتتحكم فيهم بفكرة الخوف والعقاب الأخروى، حتى إن الكيان المحتل لديه أيضا مثل هذه الفزاعة فى جماعات ربما تصل إلى 120 جماعة، من أبرزها جماعة السفرديم التى تمثل الجانب الشرقي. فما عمل هذه الجماعات وما الغرض من زرعها داخل المجتمعات؟!
أولا: غلق العقل فممنوع على من ينتمى لمثل هذه الجماعات قراءة أى كتاب خارج ما يقرره أمير الجماعة وإلا يعتبر عبدا آبقا.
ثانيا: تعاضد مثل هذه الجماعات سياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا، وعلميا، حتى مثلوا تكتلا يتراحم فيما بينهم، ويستعلى وينبذ ما دونهم.
ثالثا: إستراتيجية خطاب الخوف.
وتتشكل الخطب الوعظية التخويفية بمقام تخاطبى، يقوم فيه الخطيب بتوجيه المخاطب ووضعه فى موضع «الغافل المقصر» هذا المقام التواصلى لا يقوم على الإقناع، وإنما يقوم على تذكير المتلقى بما قصر فيه، وما غفل عنه، وهنا يقوم الخطيب إلى موضع العمل بالواجبات الملقاة على عاتق المخاطب، وفى كتاب البلاغة وأنواع الخطاب للدكتور محمد مشبال نجده يحدثنا عن كيفية صنع سبيكة الخطبة الدينية الوعظية المؤثرة والتى تتشكل من: إستراتيجية الدعوة إلى البكاء باستخدام ملفوظات البكاء من مثل: ألا تبكون، إلا من بكى، وبكيت لبكائه، وهو تحريض على فعل البكاء. إستراتيجية الخوف من الله بشكل مباشر أو غير مباشر بملفوظات الخوف مثل: ألا تبكون من عطش يوم القيامة، يوم يجر الخلائق بالسلاسل والأغلال. إستراتيجية الدعوة إلى حب الموت والزهد فى الدنيا، وهى تركز على ترك الدنيا والخضوع المطلق لفكرة الموت والآخرة. وهناك أدوات تشكل الخطبة كسرد الحكايات المثيرة التى تدعم هذا الفكر وتقويه، إظهار الذات المخاطبة متأثرة خائفة من الله حد البكاء.
الخطاب الوعظى لا مجال فيه لاستخدام العقل فى مقام وجدانى وعقدى تندفع فيه المشاعر بلا هوادة، وتؤثر بشكل مطلق على المستمع الذى أسلم قياده وعقله لمن يتحكم فيه. وعليه وجب علينا تجديد الخطاب الدينى وربطه بالخطاب العلمى والفكرى والثقافى.
زر الذهاب إلى الأعلى