الدكروري يكتب عن ذوقوا ما كنزتم لأنفسكم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
أيام قليلة ويرحل عنا شهر رمضان ولقد كانت لحظات عابرات، وأياما معدودات، فكبروا الله على ما هداكم، واشكروه على ما آتاكم، واحمدوه على ما حباكم، ويا أيها الطائعون
المغتنمون المبادرون يا بشرى لكم لقد سافر حبيبكم وهو عنكم راض، ولكم شاهد، وفيكم شافع، وبكم فخور، أيها المقصورن المفرطون المضيعون يا لعظم خسارتكم ويا لكبر مصيبتكم، فانظروا إلى جيرانكم وإخوانكم وزملائكم الذين اجتهدوا، انظروا إلى سرور نفوسهم، ووضاءة وجوههم، وانشراح صدورهم، وفرحهم بما نالوا ثم انظروا بماذا عُدتم أنتم، وماذا كسبتم؟ ذهب عنهم التعب وبقيت لهم حلاوة الطاعة، وأجر العبادة، وأنتم ذهبت عنكم حلاوة المعصية، وبقيت لكم تبعة الذنب، وجريمة التفريط، وقائمة السيئات.
فهم جمعوا الحسنات، وكنزوا الطيبات، وسيقال لكم ولهم ذوقوا ما كنزتم لأنفسكم، ولكن المنادى يناديكم أن الحقوا بالركب، وتشبثوا بالحبل، وسارعوا بالندم، وقدموا الاعتذار، وبادروا بالتوبة، ولا تقنطوا من رحمة الله، فبادروا بالتوبة مع ختام الشهر فإن الأعمال بالخواتيم، وتداركوا أنفسكم طالما أن في العمر بقية، وفي الزمن فسحة، والمعبود كريم، والمقصود رحيم، فبادروا بالتودد للخالق، والتذلل للعظيم، والانطراح على أعتاب الكريم اغسلوا لوثات القلوب بماء الدموع، وحرقة الندم، وزلال التوبة فإن مَن لم يتقطع قلبه في الدنيا على ما فرط حسرة وخوفا تقطع قلبه في الآخرة إذا حقت الحقائق، وظهرت الوثائق، وحضرت الخلائق، وتقطعت العلائق، فإن كل بنى آدم خطاء.
ولكن خير الخطائين التوابون وإن الأعمال الجليلة، والمواسم العظيمة، تختم بالاستغفار، والتوبة للقهار، فهو سبحانه المنادى كما جاء فى سورة طه ” وإنى الغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى” وهو سبحانه المنادى “يا عبادى إنكم تخطؤون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفروني أغفر لكم” رواه مسلم، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “يا أيها الناس توبوا إلى الله، فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة” رواه مسلم، ويقول أيضا “إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها” رواه مسلم، ولقد كان الناس في رمضان على ثلاثة أقسام، قسم ظالم لنفسه لم يصم شهر رمضان صوما حقيقيا، فلم يحفظ حدوده.
ولم يتحفظ مما ينبغي له أن يتحفظ , فلم يصم لسانه عن اللغو والبهتان, ولم يصم سمعه عن سماع الباطل والخنا وكل ما يغضب الرحمن, ولم تصم عيناه عن النظر المحرم الغفلان، ولم تصم بطنه عن أكل الحرام, ولا يداه وقدماه عن الفحش والبهتان, فهذا كان حظه من صومه العطش والجوع وتحصيل الذل والخنوع, فهؤلاء لم يأخذوا من الإسلام إلا اسمه ولا من الإيمان إلا رسمه, فهم قد وقفوا عند مرتبة الإسلام ولم يتجاوزها بعد إلى مرتبة الإيمان، والقسم الثاني قسم مقتصد، صان نفسه عن كل ما يغضب الله وحفظ صومه من اللغو والباطل, كما قال جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام والقبيح، وليكن عليك وقار الصيام ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك، وهؤلاء هم من تجاوزوا مرتبة الإسلام إلى مرتبة الإيمان ولكنهم بعد لم يصلوا إلى مرتبة الإحسان.
زر الذهاب إلى الأعلى