مقالات

الدكروري يكتب عن حركة الدعوة والتوجية في المدينة

الدكروري يكتب عن حركة الدعوة والتوجية في المدينة 
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة أنه كان خلال السنين الخمس التي قضاها المسلمون في المدينة المنورة، تحققت العديد من النتائج المهمة، فقد تحدّدت معالم دولتهم الناشئة
وتأسّست أركانها، وقد ظلت حركة الدعوة والتوجيه مستمرة بين القبائل طوال تلك المدة، في الوقت الذي أثبت المسلمون فيه كفاءتهم الحربية وقدراتهم العسكرية من خلال المعارك التي دارت بينهم وبين المشركين، حتى استطاعوا فرض سيطرتهم على المناطق المحيطة بهم، وكان في شهر ربيع الأول من السنة الخامسة للهجرة، وصلت الأخبار إلى المدينة، بتجمع القبائل في تلك المنطقة، واستعدادهم لمحاربة النبي صلى الله عليه وسلم والقضاء على دولته، وهنا أحس النبي صلى الله عليه وسلم، ببوادر فتنة جديدة. 
فكان لابد من إطفائها من البداية قبل أن يعظم خطرها، فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ، وحرّضهم على القتال في سبيل الله، مذكرا إياهم بما أعده الله تعالى للمؤمنين، فتجهزوا للغزو، حتى بلغ عددهم ألف مقاتل، وعيّن على المدينة رجلا لم يكن من أهلها، وهو سباع بن عرفطة الغفاري رضي الله عنه، وذلك لمعرفته صلى الله عليه وسلم، بكفاءته وقدرته على إدارة الأمور، ولتربية الصحابة على السمع والطاعة للأمير أياً كان شأنه ونسبه، وقد تحرك الجيش قاصدا دومة الجندل، ومستعينا بدليل ماهر يُقال له مذكور، وطلب منه النبي صلى الله عليه وسلم، اختيار أسلم الطرق وأبعدها عن مراقبة العدو، وتبدو عظمة القيادة النبوية الشريفة في أمر النبي صلى الله عليه وسلم، للجيش بالمسير طوال الليل. 
والتوقف في النهار، من أجل مفاجأة الأعداء وهم على حين غفلة، وقد فوجيء المشركون بخبر وصول المسلمين، وكان وقعه شديدا عليهم، فلم يكونوا يتصورون أن يبادرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقدوم في الوقت الذي كانوا يخططون فيه لمهاجمة المدينة واستباحتها، فأصابهم الخوف الشديد، وبلغت قواهم المعنوية أدنى مستوى، مما دفعهم إلى الهروب تاركين وراءهم ديارهم وأمتعتهم، ولم يجد المسلمون فيها أحدا سوى عدد قليل من الرعاة مع ماشيتهم، فأصابوها غنيمة سهلة، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يكتف بهذا النصر، بل بعث السرايا لتتبع القوم، وبقي الجيش هناك عدة أيام ثم عاد إلى المدينة، وفي طريق عودته التقى عيينة بن حصن الفزاري بالنبي صلى الله عليه وسلم.
فاستأذنه بأن يرعى غنمه وإبله في مناطق المسلمين فأذن له، وهكذا نجح النبي صلى الله عليه وسلم، في هذه الغزوة، واستطاع أن يحقق عددا من الأهداف المهمة، فإضافة إلى القضاء على شر أولئك الأعراب، وحماية المدينة من الأخطار المحتملة، وكانت هذه الغزوة فرصة للاطلاع على طبيعة المناطق العربية في الشمال، ومعرفة المواطن التي يمكن أن تشكل تهديدا مستقبليا، وكما أنها فرصة كذلك لحرمان قريش من أي جهة قد تمد لها يد العون والمساعدة لاحقا، إضافة إلى ما تحمله هذه المواجهة من رسالة واضحة إلى الروم بمدى قوة المسلمين وقدرتهم على المواجهة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock